لستُ موجودا… بقلم حسن الخندوقي المغرب


لست موجودا ، بأي مقياس من مقاييسكم .
هذا الوعي الشقي ، من جديد ، يحرضني
كي أثقل كاهلكم بمعاناة كائن لا يعنيكم .
لا يعنيكم بتاتا .
ماذا ستفعلون بقطعة مهملة
في قبو اﻷيام السافلةِ ؛ السفليِّ ؟
كائن نحيف كتحفة دقيقة ، هي نسخة لكائن آخر
كان يحلم أن يصير إمبراطورا أو قيصرا
أو حتى ( الحاكم بأمر الله ) المجنون
أو فيلسوفا أو عالم ذرة أو رجل دولة
أو ثريا كثير المال و الولد و العشيقات
أو حتى لصا شهيرا أو قاتلا متسلسلا
أو منحرفا تُجرى على مخه التجارب كبطل ( صمت الحملان ) .
أو حتى شاعرا . شاعرا لا أقل و لا أكثر .
لكنن في النهاية ، صرت لا موجودا
أو موجودا بصيغة واحدة لا تنتمي إلى مقاييسكم .
فأنا – اليوم – قطعة فخار من مزهرية كسرتها
حادثةُ سيرِ زمنٍ مستهترٍ ،
كان سكرانا و هو يقود اﻷيام .
جاء عمال النظافة .
كنسوا المكان من آثار الحادث
لكنهم لم ينتبهوا لتلك القطعة الصغيرة اللا شكل لها
التي اختفت.. لا أحد يعلم أين اختفت…
حتى وجدتها طفلة تحت سرير نومها ، ذات بحث عن دميتها .
لم تعرف ماذا ستفعل بها ، أو بي على اﻷرجح .
أسرعت بها إلى أمها التي أمرتها أن ترميها
في القبو مع المهملات…
من يومها ، و أنا موجود بمقياس واحد :
تحفة أثرية دقيقة ، تنتظر عالما أركيولوجيا محترفا
يعيد ترميمها و البحث عن أشلائها و إعادة صياغة المزهرية .
تلكم الطفلةُ التي و جدت القطعة تحت
سريرها ، تدرس – اليوم – علم الآثار .
تخصص : تحف قديمة .
مزهريات بالتحديد .
عساها تعثر على بقاياي
تعيد صياغة المزهرية
و سوف تكون أول وردة
تضع نفسها بنفسها فيها
فعساه لم يَفُتْ بَعْدُ الأوان
عساه
ع
س
ا
ا
ا
ا
ا
ا
ا
ه
لستُ موجودا… بقلم حسن الخندوقي المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 19 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.