حتى لا يبرد طعامنا بقلم محمود طارقي تونس


على العربات أن تمرّ،
لتشقّ الطريق
وتعيد تنظيم الأوراق المبعثرة بجانب الرّصيف...
و على الرّياح أن تمرّ،
لتتطاير التّنانير القصيرة الملوّنة
كطائراتنا الورقيّة التي أفلتناها
وطارت بعيدا
لتعلّمنا معنى الوداع لأوّل مرّة...
وعلى الطّفل أن يمرّ،
لتهترئ أحذيته
ويصبح رجلا...
وعلى الأمنيات أن تمرّ،
لتنقيتها من المجاز الذي أثقل الرّجاء...
وعلى العابر أن يمرّ،
ليجد السّبيل...
وعلى الموت أن يمرّ لأخذ العجائز في الشّتاء
من أجل ربيع شابّ،
وليس عليه أن يعود لأخذ الشّباب في الصّيف
فحينها لن نتحمّل كآبة الخريف...
وعلى الطّيور أن تمرّ،
لتدغدغ الفضاء بريشها
وتعود ضحكات اليتامى مُحمّلة على أجنحتها...
وعلى السّماء أن تمر
لتعبر صحوتنا الزّرقاء
وتصل إلى أرض سكّانها نيام
ويتقاسمون سوادها في أعينهم...
و على الوقت أن يمرّ
لتنمو خضر الفقراء،
و عليه أيضا أن يمرّ
ليتخمّر الخبز،
وأحيانا عليه أن يتأخّر
حتى لا يبرد طعامنا سريعا
ونحن ننتظر اجتماع أفراد العائلة على مائدة العشاء.
حتى لا يبرد طعامنا بقلم محمود طارقي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 05 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.