ثمانية نصوص للشاعر المصري إبراهيم صبحي



للبحر المنسحب
.........

البَحْرُ صَدِيقُُ قَدِيمُُ
يَعْشَقُ السَّحَابَ المُرَاوِغَ
وَيَرَانِي طَيِّبًا مِثْلَ شَجَرَةِ بَلُّوطٍٍ
أَرَاهُ أَنِيقًا عَلَی هَيْٸَةِ امْرَأَة ٍ
تَرْتَاحُ عَلَیٰ کُرْسِيِّھَا
 فِیمَا تَتَدَلَّی سَاقَاهَا ذَهَابًا وَ جِيٸَةً
 بِالزَّبَدِ وَ أَمْوَاجِ الْأَغَانِيِّ
 

قَالَ لِي الْبَحْرُ يَوْمًا :
أَنْتَ نِعْمَةُ الْآَلِهَةِ
أَلْقَيْتُ عَلَيْهِ الْقَصَاٸِدَ
وَ قِصَصَ الْعِشْقِ
وَ الْأَمْثَالَ الَّتِي وَرِثْتُهَا عَنْ أَبِي
كَانَ يُقَبِّلُ جُذُورِي فِي الرِّمْلِ الْقَرِيبِ
وَ يَنْفُثُ وَجْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ
 

(شَيْءُ عَادِيُُّ جِدًّا أَنْ تَصْحُو وَ لَا تَجِدَ الْبَحْرَ)
هَا هُوَ الْبَحْرُ يُرْهِفُ السَّمْعَ
لِعَازِفِ الْمِزْمَارِ السِّحْرِيِّ ((I
يَمْضِي مَعَهُ مُخَلِّفًا غُبَارَ الحَکَایَاتِ و القَواقِعَ و المِلْحَ
هَا هُوَ الْبَحْرُ يَْنسَی سَحَابَهُ الْمُرَاوِغَ
فِيمَا أَکْتُبُ الشِّعْرَ لِحَبِيبَتِي
وَ أُلْقِيهِ لِلرِّيحِ
==================================

لِامْرَأَةٍ تُمَتِّعُ الْعَقْلَ
...............
عِنْدَمَا یَسْقُطُ الْمَطَرُ
تُطْلِقُ الشَّمْسُ أَشِعَّتَهَا/
 عُشَّاقًا مُحْتَرِفِينَ

 تُقطِّر الْمُزْنُ زُھُورًا بِخَمْسِ وُرَیْقَاتٍ
وَ قَلْبٍ أَصْفَرَ / يُلَوِّحُ لِلشَّمْسِ
 ....
يُقْبِلُ الرَّعدُ /غُنوةً قدیمةً أَعَادُوا تَوْزِيعَ أَلْحَانِهَا

-وَ مَعَ قُبلةِ امرأةٍ
خَارِجَةٍ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ- 
تَرْتَفِعُ حَرَارَةُ الْعِشْقِ حَیْثُ يَشْعُرُ الْکَوْنُ کُلُّهُ بِالْبُرُودَة ِ
 تَنْکَسِرُ الْأَشِعَّةُ فِي تَکَاثُرِهَا الْمُثِيرِ
تُصَفِّقُ الْمَلَاٸِکَةُ  ابْتِهَاجًا
..
-فِي جُنُونٍ-
 تَرْقُصُ الْعَفَارِیتُ
 حَتَّی تَنْضُجُ الذَّاکِرَةُ فِي الْحُلْمِ
....
 عِنْدَمَا تَتَأَرْجَحُ الْقَصِيدَةُ
-وَحْدَهَا -
فِي فَضَاءٍ مُدْهِشٍ
تَخْلُقُ -لِلْوَلَهِ- (سِيمَرْغَ ) جَدِیدًا .
------------------------------------------
-------------------------------------------

معاهدة سلام مع الريح
...........................
الرِّيحُ لَمْ تَعُدْ عَدُوًّا
صَحِيحُُ
 لَمْ تَأْلُ جُهْدًا فِي مَحْوِ آثَارِي
 عَلَیٰ الرِّمَالِ الْفَسِيحَةِ
لَکِنَّهَا آخِرُ مَنْ عَزَفَ
وَ أَنَا أَنْثُرُ صَوْتِي فِي انْفِجَارِ السَّحَابِ الثَّمِلِ
...
 

قُلْتُ :
 لَا تَجْعَلِي عَلَی الْبُرُوفَايِلْ صُورَةَ (سُعَاد حُسْنِي)((V
لَأََنَّ صُورَتَكِ تُهَدِّٸُ رَوْعَ الرِّيحِ
و َابْتِسَامَتَكِ
 تَنْقُشُ تَعْوِيذَةَ النِّسْيَانِ لِکُلِّ امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ
 

إِنَّ لِسَاحِرَةٍ مِثْلَكِ
عَرْشًا فَسِيحًا فِي قَاعِ الْفِنْجَانِ
 وَ مَمْلَکَةً
لَا يَدْخُلُهْا إِلَّا مَنْ  يَمْتَلِكُ شَفْرَةَ اللَّوْنِ الْأَخْضَرِ .
.........
 

الرِّيحُ لَمْ تَعُدْ عَدُوًّا
وَ لَمْ تَمْسَخْنَا إِلَیٰ وَحْشَيْنِ
أَوْ تُوهِمَ أَحَدَنَا بِمَصْرَعِ الْآَخَرِ
حَتَّیٰ نَمُوتَ کَمَدًا
لَکِنَّهَا -فَقَطْ - تَرُشُّ حَبْکَةً مُتْقَنَةً  لِلصِّرَاعِ
حَتَّی نَعْرِفَ کَيْفَ يَکُونُ الْوِصَالُ لَذَّةً
 بَعْدَ هَٰذَا الِاشْتِيَاقِ الطَّوِيلِ
 
عَلَيْكِ إِعْدَادُ الصُّوَرِ الْفُوتُوغْرَافِيَّةِ
وَ عَلَيَّ کِتَابَةُ تَارِيخِ حُبِّنَا الْغَامِضِ /
الَّذِي يَتَنَاقَلَهُ الرُّعَاةُ
بَيْنَ أَسَاطِيرِهِمِ الْمَلِيٸَةِ بِالدَّهْشَةِ
..............
 

أَثْنَاءَ رِحْلَاتِنَا
فِي بَرِّيَّةِ الْوَسَاٸِطِ الْإِلِکْتُرُونِيَّةِ
لَمْ تَعُدْ لَدَيْكِ رَغْبَةُُ فِي مُطَارَدَةِ الْغِزْلَانِ
فِيمَا لَمْ أَعُدْ قَادِرًا عَلَیٰ صَيْدِ الْوُحُوشِ.
=========================

يحق لعيونك أن تضع أقانيم تمنع الملل من التسرب نحو الروح
فقد نسفت الملل منذ رفضت بقاءھا بلون واحد
...
حدیقتك الملیٸة بالفواکه الشهية لم تُزرع في سفوح الأولمب ، و لم تُرو بماء الأرض
....
ما بالي ، کلما اتکأت علی اللغة في وصفك أدخل في براثن الکلام المکرر?

هل لأن الحدث/أنت
أکبر بکثير من حروف الشعر ?

أغمضي عينيك للحظة واحدة

و استقبلي قبلتي المخبأة لأکثر من خمس سنوات ...
تری أين يمکنني أن أضع تلك القبلة في ھذا الأفق المشحون بالجمال ?
=====================================

(5)/ البجع تعکس الأفيال(IX)
ليس للإله الصغير حيلة أخریٰ
إلا أن يدخل في الحلم
آخذًا شکل الثور
عابرًا بك لجة البحر
و أنت تسألين (دون مقاومة):
إلیٰ أين نحن ذاهبان ?
===============

لي مع حبك تاريخ طويل من الرکض
منذ ألقيت تفاحتي و لم تتلقفها يداك المکبلتان بحب آخر
کنت أحترق داخل ثور نحاسي فيما يقول لك :
"يا جميل"
مثل رفَّاء فقير- ينتظر رتق ثوب الحروف الجديد للجميلة آخر الحارة -کنت أنتظر أن تحنو عيونك عليَّ بکلمة .
 أعترف لك کنت أطيل النظر في صورك کالمراهقين ،
لم أنتبه لعيونك النجل
و لا لنهديك النابضين بالإيقاع ،
لکنني انتبهت للروح التي تنشر موسيقی هادٸة في الأفق
******
کيف أقولها لك الآن
و نحن نقلب الکلام کله لساعات متصلة دون أن يکون الحب طبقًا علی مواٸدنا
*****
كيف نهشم الجدار الزجاجي بيننا ،و لا تتناثر شظاياه ?
کيف نجعل منها تمثالًا بلا ساقين ونسميه"الماضي"
هل يمکن أن أقول اجعليني خاتمًا في إصبعك،
نطاقًا حول خصرك
قرطين في أذنيك
و خلخالين في ساقيك
أم أقول تکونين مخدة للحروف التي أرقها الوجد ، و مدد في رأسي
****
=====================================

المربع أفضل الأشكال الهندسية عندي
و أنا طفل صغير مشرف على الموت
إثر حمى التيفود اللعينة
( تطاردني الشياطين في الحلم
حتی يقبل ممسكًا عصاه السحرية
و الشياطين تختفي أمامه من الذعر)
للحقول الطينية و زحام العربات
و الدخان المتصاعد نقوش غاٸرة في الذاکرة

قالت نساء القرية :
بلغت الروح ساقه النحيل

لم تكن هذه الكلمات
أكثر من خيانة لأمي المكلوم
التي اننتفضت من الفرح
عندما أصبحت صحيحًا
ألعب في فناء البيت
.......

أعد الطائرات الورقية في سماء القرية
أنقذ الأطباق المشاغبة التي تفلت من أيدي الفتيات
و هن يغسلن على كتف النهر

الحياة عندي على شكل مثلث
منذ سقطت الطمأنينة
و انزلقت قدماي و لم أفق
كان شابًّا متحمسًا
و هو ينتشل لحمي المكوم في الماء من لهاة الموت
......

أغرق في النوم على طمي القرية
يومين كاملين
تصنع مشاعري زاوية حادة
و أنا ألوح للأشجار الراكضة خوفًا من القطار
يسقط الأمن فجأة
و الرجل ذو اللحية الكثيفة
يدفعني بقوة للخلف
مرتطمًا بأجساد المسافرين
.........

أمضي مستقيمًا
أتذكر الفرحة العارمة في عيني الطبيب
وهو يطالع نتائج التحاليل
مكتشفا هذا الانحسار الكبير
للفيروس الكبدي الوبائي
بعد شهر من الحقن تحت الجلد
بإبرة ثلمة .
...

أرسم دائرة في الهواء
أكتشف أنهم جميعا
لم يقدموا سوى دروع زجاجية
قابلة للكسر في لحظة.
=======================

قضمة واحدة من هذه الفواکه الشهية
تنفرج بها شفاه القمر
تمتلٸ مواٸد القصيدة بالسحر
ينفعل المجاز
من شدة ما به من الشبق
و الوله
.......
 

قضمة واحدة و قبلة
لم يکن قلبه الممتلٸ بك
شهوانيًّا إلی هذا الحد
لکنه
 – فقط –
يملأ مساحات الظل ببعض الضوء
يرش جوز الحروف
علی کعکة الجميلة
في العبوس اللافت
.....
 

قضمة واحدة و قبلتان
ينتزع بهما
 شهقة و ارتعاشة
تلقيان آلام العمر المضاع
بين حبيب أرقه النأي
و أنثیٰ تصب الکٶوس الفارغة بنظرة و عبوس
......
 

ھل تراقصني في الحلم الجديد
فتسلبها الموسيقی آلام السنوات
تدخل
 تحت "مظلة"(XI)"فرانسشکوغويا "(VII)
و أنا أبحث
-مثل "العملاق"- (XIII)
عن "ساحرة السبت"(XIV)
 

و أسأل:
هل أراقصها في الحلم
هل أتذوق فواکه
محشوَّة بالشهد و البنفسج ....?
هل يوقظني طنين النحل
و أنا ناٸم بين زھور الحديقة ?
هل ...?
 


تعقيب أول


العملاق
 الذي تواري الجبال ما دون فخذيه
 ما زال
مجهول النسب
 


تعقيب ثان


اسمها المثير للبهجة
مع صورتها العبوس
 مفارقة من مفارقات الحلم
 


تعقيب ثالث


من يکتب القصيدة دونها ?
....
لو کانت لديك :
هل کان ممکنًا لغيركَ
 أن يمتطي صهوة الحرف ?
 

تعقيب رابع

بعيدًا عمَّا کان تقول الأسطورة
تظلين ساحرة ً/ لا يمکن للشيطان
 أن يقارب روحها المليٸة بالنور.
===============================
ثمانية نصوص للشاعر المصري إبراهيم صبحي Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 22 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.