رجل دون العادي ....بقلم هيثم الأمين / تونس



رجل دون العادي
ــــــــــــــــــــــــــ
يعتقد البعض أنّي رجل مهمّ جدّا
أو، ربّما، مهمّ؛ فقط !
و لكنّي لستُ رجلا مهمّا؛ لا جدّا و لا مهمّا فقط.
أنا رجل دون العاديْ
و رثتُ عن أبي،
حيّا،
دراجة هوائيّة لم تتحرّش بمؤخّرتي منذ عام
كما ورثت عنه شيخوخته المبكّرة
و كلمة "لا"!
عن أمّي،
العالقة في الحياة،
ورثت القولون العصبي،
ضعف البصر، تيبّس المفاصل، سلس البول، السّكّري،
تلف الأعصاب الطّرفيّة
و الصّبر على "لا" أبي!
أنا رجلٌ دون العاديْ؛
توقّفت عن البحث عن عمل منذ اثني عشر عاما
و قبل ذلك
كنت أعمل ليومين أو ثلاثة في الأسبوع
لأتفرّغ، في باقي الأيام، لوحدتي!
أنا رجلُ دون العاديْ
لهذا
أركل بطن العالم، طول الوقت، لأرى حتفي!
أنا رجل دون العاديْ
توقّفت عن الشرب منذ خمسة عشر عاما
لأنّي أنام بمجرّد أن أثمل
فلم أجرّب، مرّة، كيف يعيش رجل سكران!
لي مواعيد كثيرة
مع نساء كثيرات
لا ألتقي بهنّ إلّا في أحلامي
و عادة، يكنّ مشغولات جدّا برجال آخرين
و هكذا
لم أُورّط أحدا، غيري، في الحياة!
أنا رجل دون العاديْ؛
لا أتكلّم
و لكنّي أكتبُ كثيرا
و أدخّن، مع ظلّي، كلّ سجائري!
أنا رجل دون العاديّ بكثيرْ
لا أملك أن أُهدي لطفلة، باكية، في عيد ميلادها
أكثر من أمنية
و لكنّي،
حتما،
لا يمكنني أن أهديها
عالما لا يقتل الأطفال،
عالما لا يصلب امرأة على قضيب رجل،
عالما لا يعتبر مشهد غرق مركب هجرة لا شرعيّة
نوعا من التّسلية
أو تجارة حقوقيّة رابحة
و لا يمكنني أن أُهديها عالما
يبكي كلّما شاهدها حزينة!
أنا رجل دون العاديّ بكثيرْ؛
صدري اسطبل يربّي فيه الحزن قطيع كآبة؛
رأسي
سوبرمان
ينقذ العالم كلّ ليلة
و في الصّباح،
يعود رأسا لرجل دون العاديّ بكثيرْ
أمّا ذراعايْ
فصنارتان طويلتان
أُلقيهما في المسافة
و كلّ مرّة، أعود فارغا من العناقْ!
أنا رجلُ دون العاديّ بكثير
تنبتُ لي أصابع كثيرة
فيظنّ الآخرون
أنّي رجل مهمّ جدّا! ! !
رجل دون العادي ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 23 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.