الأحياء تحت الأرض ..هيثم الأمين/تونس
الأحياء تحت الأرض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف يموت الموتى يا الله
و هذه المدينة كلّ نسائها حانات رخيصة
و رجالها، سكارى، يتدلّون من أعمدة النّور
ليضيئوا، بعتمتهم، أرصفة سلالاتهم الهجينة؟؟
كيف يموت الموتى يا الله
و الحافلات تعجّ بالجثث الضاحكة
و المقاهي، أيضا
و أسواق الثياب المستعملة
و مازالت البالوعة تلهج بذكر مولانا الملكْ
لأنّه سمح لها بالتّعبير عن روائحها؟؟
كيف يموت الموتى يا الله
و نحن نولَد جثثا،
نعيش جثثا
و نحيا يوم نموت؟؟
أنا، لست غاضبا يا الله
و لست حزينا جدّا
و لكنّي رجل ميّتٌ
أدخّن كثيرا حتّى لا يكتشفوا نتن جيفتي
و أغوص برأسي، عميقا، في الرّمل
لأصير، ربّما، شجرة أو مرحاضا عموميا
فيصير لي اسم واضح
و حلم...
أنا، لست غاضبا يا الله
و لست حزينا جدّا
و "قضي الأمر"
و لكنّي مازلت أسأل: كيف يموت الموتى
و مقابرنا فوق الأرض
و تحت الأرض يضحك موتانا الناجون من موتنا؟؟
أنا لست غاضبا يا الله
و لست حزينا جدّا
و لكن
كلّ هذا العرج الذي في الطريق الذي أنتعله
مازلت لا أفهم لِمَ يقهقهُ
و لِمَ يدوس ظلّي كأعقاب السّجائر
و لِمَ يكفّر كلّ العناوين التي أريد أن أصل إليها
و لا يجدُها/ يجدُني؟؟
أنا متعب جدّا يا الله
و مللت كلّ هذا الموت.
فأحيني، فأحيني
داخل حفرة
و سأكون بالوعة تلهج بذكرك
و تمجّد كلّ هؤلاء الأحياء... تحت الأرض.
ليست هناك تعليقات: