وحيدا على رصيف "لوليتا" الحلوة..هيثم الأمين/ تونس

 وحيدا على رصيف "لوليتا" الحلوة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنتِ لستِ في مطبخك الصّغير !

لم تكوني في البهو

و لستِ من فتح لي الباب !

في المطبخ،

كان الرّاديو يبثّ صمتهُ على موجة طولها تنورتك القصيرة

و لم يكن يغنّي لـ "لوليتا الحلوة" !

الثلّاجة 

كانت ترتدي بردها الطّويل

و لا تعد الموقد بحكايات القِدر و أنفاسك

و إبريق الشّاي

مازال يحاول اقناع كوبك المفضّل

بأن يسمح له أنّ يقبّله حيث موضع شفتيك

و يفسّر له أنّ الأمر لا علاقة له بالشّذوذ الجنسي !!

في الحمّام

سألتني الشّراشف الصّغيرة... عنكِ !

فرشاتك و معجون الأسنان

كانا يتشاجران

مع المرآة التي ادّعت أنّ عريك كان لذيذا جدّا،

آخر مرّة،

و أنّك، على الأرجح، ستغيبين 

لفترة لا تقلّ عمّا يحتاجه رجل شرقيّ ليسقط في الاشتياق !  

أمّا منشفك الكبير

فقد كان يعاني نقصا حادّا في ياسمين جسدك المبلول !

أنتِ لستِ في غرفة نومك، أيضا !

عطرك لم يكن هناك !

المرآة،

التي ابتسمت، في وجهي، ابتسامة حزينة، على غير عادتها

تنهّدت بعمق

و هي تتلصّص على سريرك الفارغ منك و المرتّب

الذي كان يبحث في "جوجل"

عن وصفة عشبيّة ضدّ الاكتئاب أو عن عطر يحمل نكهة أنوثتك !

و كرسيّك الخشبي

كان يراقب الشّارع، من وراء النافذة

و يشتم، ببذاءة، الطّريق الذي لا يعدُهُ بوجهك...

كان غاضبا جدّا،

و هو يمسك معصمي،

مقبض باب غرفة نومك

و دون أن ينتبه لوجهي المغلق

سألني: أين تركت "لوليتا الحلوة"؟ !!

في الصّالون،

لم يتغيّر شيء، تقريبا ! 

وحدها وجدَتُكِ

كانت تجلس على أريكتك المفضّلة،

تشاهد حلقة جديدة من مسلسلك المفضّل

و تدوّن كلّ أحداثها

لتسردها عليك حين تعودين...

و أنا،

ككلّ الأطفال اللّقطاء،

كنتُ أداعب، بأصابع ذاكرتي، حلمي المنتصب

و أغفو،

مزدحما بك،

على رصيف المسافات...



وحيدا على رصيف "لوليتا" الحلوة..هيثم الأمين/ تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 21 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.