ما زلت .....و نصوص أخرى للشاعر اليمني أحمد الفلاحي
مازلت ذلك القروي
يخجل أن تراه الشمس عاريا
ويفرّ من أضواء السيارات
مازلت عندما تعتريني الحمى
أقهقه وحيدا
وأشرد في اتجاه الريح
الريح التي ناغتني صغيرا
وأبكتني كبيرا
انا النبتة في الظل
والغبار في الطريق
اتدثر الوقت
واحتسي قنينة ضوء
---------
تنتابني عثراتُ التوجس
تُطفي ملامحَ حلمي دموعُ الرحيل،
وتلثمني نشوة الاغترابْ
النعشُ منتظرٌ لرجوعيَ
واشتاقت الأرضُ لي..
وأنا في وحولِ البلاد
أحطُّ بذوري وانْ نبتت زهرةٌ
قطفَتها وحوشُ الترابْ
واندملتْ صهواتُ جيادي،
وباخرتي خرقتْها سنونُ التعفن.
لو سامني الورد يوما..
أغنيه أغنيةً للوداع الأبدْ
اعشوشبت في شفاهيَ أوراقه الباليةْ،
اخضوضبت كلماتُ الوداع بألوانه الزاهيةْ،
واندثرت تحت شِعرِ الأجد
***
للبحار التي شاقها وجهُ (اودييس)
منتجعاً في فضاء المتاهةْ أغنيةٌ من زبدْ،
لحنها لبني كلون النزاهةْ.
وأنا إذ أهيمُ وأشدو بأغنيةٍ للفناء
تصطادني شبكاتُ الضباب،
إنّ لونَ البحار الحيارى كلون عيوني التي
صبغتها عيونُ الحبيبة
فلمن يذهب الليل؟
لمن...؟
و (اودييس)أدمن شربَ النجومْ،
لمن تحضرُ الشمسُ مملكةً من صباحٍ بهيج
و (اودييس) قارورةُ الليل
صبّتْ له خمرةً من غيوم
كأنك لم ترتشف عبرات الفراقْ
لم يدخل اليأس ساحة وجدك،
لم تُمتك السفينةُ غرقاً بوحل البلد.
تعز 96م
------------
رغم الريح التي تعوي
في وجهي
ووجه السين
الا أني خرجتُ لليوم الثالث
أبحث عنك في صدر النهر
الطريق _على طول سان ميشيل_
يتعثر بالمارة
يخرج وحيد القرن والفيلة
الجميع يتدافع كما لو أنك نجمة
مجموعة من الدلافين تقترب
وتنظر اليّ بحزن
كأني احد لا عبي "جومانجي"
وقع نرده في مجرى على الطريق السريع.
رغم الخراب الذي سببه حضورك في مخيلة المحيط
الا أن الشمس بدأت بالإبتسام
والسحابة تتراقص حول قوس قزح
انا الان
أهمس لإشارة المرور
أن قلبي أخضر
ولا شأن لي بالريح.
------------
فيما لو ...
........
فيما لو مرّت الحرب قربك
ولم تفقد عضوا من جسدك
أو قريباً أو صديقاً،
لا يعني ذلك أنك في مأمن،
راقب ظلك المهتز
والشجرة الباكية
وتلك الدمعة النازفة من عين الشمس.
لو مرّت الحرب
وزلزال خفيفاً يلهث خلفها
يعني ذلك أن النهر خبأ عصافيره
والبحر فقد بوصلته
والمحيط مازال يفكر في الضغينة.
في الحرب يغيب الحب تحت الركام
ثم يموت
ولا يبعث.
فيما لو انتهت الحرب
ومازِلتَ مشردا في البعيد
تأكلك الغربةُ
والشجرةُ تٌسْقِطك ورقةً يابسةً
والحوافر كلها تتمرغ ببتلاتك
لا تفكر أن ينبت في قلبك برعم الأناشيد
ولا حتى تزهر في خدك قبلة أخيرة.
لو بقيت الحرب هكذا دونما انتهاء
والابواب تئن في وجهك كلما تبّسمتَ،
لايعني ذلك أنك حي
فالقذائف تعرف طريق قلبك.
-----------------
الولادة في الثالث عشر من مارس
ليست بالأمر السهل
لذا أتيت بكامل أرقي
لم أبك وقتها
ولم أُتعب القابلة بمحاولة اسكاتي
اليوم أيضا لن أتعبها بارسال معايدتها السنوية
أسبح عكس التيار
كسمكة الحوت التي ترفض الانكسار للموج
الولادة في الثالث عشر
موت اضافي
وحبر يأبى التشرذم،
كلما أبصرت الحب
لا أفرط فيه
وكلما هتف بي الفجر
أخبر النجمة بسر الغواية
وأخبرها
أني أحب الجمر في شفتيها.
لكن
أي قبلة تطير نحوي
ألبسها جناحين
وأقذفني بها اليك.
الولادة في الثالث عشر
تجعل الكون يدور حول الربيع
ويفتح للتأويل خرافة العنب.
الليلة
أحتفل بالخسارات
أيامي وهي تغربل أشواقي
السنين وهي تتراكم خلف ظهري
الحرب وهي تعانقنا وتأبى الرحيل
الحب وهو يبكي
أي خسارة لا تقبل الانشطار
لا تعول عليها.
في الثالث عشر
سأموت أيضا
-----------
المهاجرون
وهم يتفيئون السلام
تكمن الحرب في شراينهم
وتنفجر الأوطان في قلوبهم
حتى أنهم لا يلتفتون الى الصقيع.
تجري بين يديهم ظلال ورؤى
ويتأزرهم التيه.
هم عسس القلب
وأشجان الطريق.
المهاجرون
وهم يأوون الى خبز عارٍ
يغمسون أناملهم في رئة الصبح
إلا أن المساء يلف خاصرتهم.
هم يتصيدون غابات الحناء
ورقصة السالسا
ونغمة دو
لكن
يتعثرون بمقام بياتي
وهواجس الصحراء
والعناكب تبسم لهم
المهاجرون
قاع بيضاء
وقمل أسود
وأعين حمراء
يسقون من رأس
الماء
ويبكون كلما جانبهم الطل.
المهاجرون
يلفهم الوجع
ويلمزهم الأصدقاء بالنمل
حتى إذا قبّلهم السكر
أفاض عليهم الثبور
وحنت اليهم القبور.
المهاجرون
طيف العتمة
وغمزة فتاة
يكاد يتخطفهم الذل
وإذا آووا الى رغباتهم
تنبس فيهم الفحيعة
وتمخرهم الامواج
يئنوون نهاراً
ويتوسدهم الجمر.
المهاجرون يهاجرون الى حيث لا ظل
ولا أزيز.
المهاجرون
موتى
وموتى
وموتى
وموتى.
-------------
وأنا أبحث عن بصمتك في جداري
أتحقق من عدد القلوب التي أحرزتها الليلة
في المقابل
لا أرى الا قلبك.
قلبك المتأين بالنور
أقبس منه جذوةً
وأشعل نجماً
ومجرةً
كلما أتصفح نصاً
كتبته عن غير قصدٍ
ولا أرى فتيلكِ
تأوي الى هواجسي عناكب
وتسرح في مخيلتي فزاعات
لا أتطير بالطبع
لكن قليل منك
يكفي لأن أكتب نور الحب في قنديل
وأنت في شمس
هو في المشكاة كما يحب
وأنتِ فيّ كما أحب
لكن همسة منك
تكفي
لأن ترسم أفيالاً
وحلزونات
فراديس وحافات
وأبار
أعني أنت
وأنا
وحين نرفق بالضوء
تشرقين في كل عتمة
---------------
ليست هناك تعليقات: