أساور الماء ..ميرفت أبو حمزة / لبنان

 أساور الماء

_____________


قلبي الواثبُ إلى نزقِ لُقياكَ

يفرُّ حيثُ أنتَ من بينِ ضلوعي

يضعُ نبضَهُ كسيفٍ تحتَ مطرقةِ الرؤية

ويرتدي درعَ حياةٍ جديدةٍ كي يقاتلَ ..

ضعيفٌ لكنهُ يعلمُ بأنَّ لهُ الحقُّ فيكَ

وأنَّ اللهَ يتدبرُ أمرَ الضعيفِ وحقَّهُ 

يُحرجُني بجدالهِ حينَ أخوضُ غمارَ التمني  

يذهبُ ويعودُ إليَّ جريحاً

لمْ يتعلم في الحياةِ إلا الهرولةَ

والطأطأةَ أمامَ الذكرى 

يرسُبُ كلَّما امتحنَهُ الشوقُ ويحاولُ من جديدٍ

قلبي الطريُّ جرَّب الكيَّ كي يبرأَ مِنْكَ

فصارَ ذهباً وامتزجَ بنحاسِ الصبرِ

ليكتسبَ بعضَ الصلابةِ .. دونَ جدوى

فلا فضلَ لذهبِ القلبِ على نحاسِ الصبرِ إلا ببريقِ الوجعِ الأصدقِ

قلبي المعلقُ يسارَ صدري

يوزعُ الحُلِيَّ على فتياتِ دمي

يملأهنَّ بوهمِ عرسِ اللقاءِ  

فأتوهجُ كالشمسٍ وأغرقُ في العتمةِ

حينَ يتراءَى ليلُ عينيكَ 

وتتناهبُ الحلكةُ ملامحَ وجهِكَ

فأجهلُ ليلي من نهاري وأسهرُ

وأنا أحاولُ رسمَ تفاصيلِ وجهكَ

تنقصُ في غيابِك .. تتلاشى 

لكنكَ تتكاثرُ داخلي فأكتملُ بكَ 

وكأنَّكَ ما زلتَ هُنا في هذهِ المساحةِ الصغيرةِ ... * قلبي *

وكأنَّ الزمنَ توقفَ عِندَ كلمةِ أحبُّكِ 

تتمشى في ردهةِ القلبِ 

وتُجري في أوردتي خمرَ هذيانٍ فترفدُني آلهةُ النجوى وحصافةُ الأساطيرِ

يأسرُني غيابُكَ الحاضرُ بين الكلماتِ ومعانيها

تأسرُني زهرةٌ علقتْ في شَعرِي من صدرِكَ المأهولِ بهذيانِ الأزلِ

فأصبحُ كورقةِ خريفٍ على غصنٍ أخضرَ

أنظرُ إلى الربيعِ وهو يُلبِسُ الأشجارَ أساورَ من روحِ الماءِ الأنضرِ

فأنضو نفسي وأسلِّمُ أمري للريحِ وأبتسمُ للكرى

لذكراكَ العابقةِ بالبنفسجِ 

لصدى صوتِكَ حينَ لفظتَ  اسمي

وأحبُّ حياتي التي لَمْ تكنْ فيها وكُنتَ

وأحبُّ حياتي التي امتلأتْ بكَ وجفَّت

وأحبُّ حياتي التي تنمو على ضفافِ الذكرى وتموتُ

ها أنا الآن بعد أن أَنفقتُ عمري 

وأنا أحاولُ فكَّ لجامِ خيلِ روحي الجامحةِ إليكَ

وإذ بي أحبُّكَ في الموتِ أكثرَ 

وأعلمُ بأنّي سأحبُّك في كلِّ حينٍ

ما دمتَ اليومَ وغداً وبعدَ غدٍ 

وجهَ حياتي الفتيِّ الذي انطوى مع الأمسِ 

ووجهَ الآن الذي سينطوي غداً

ها أنا الآنَ بدونِكَ أقوى لأنَّ أجملَ ما فيكَ معي

كلماتُكَ .. صوتُكَ .. ظلُكَ ..  

قلبي يتحررُ منكَ بكَ

يرفلُ وحدَهُ بجناحي حنينٍ في جسدِي

لا عَتَادَ بين يديَّ إلا القلمُ 

الكلماتُ درعي في حربِ غيابِك 

كي أُخفي صلابَتي وهشاشتي .. وقمحي وذهبي 

درعي كي أقولَ أحبُّك في ظلِّ المحدودِ

وتحتَ سماءِ المطلقِ 

حين يَسحَنُني غيابُكَ كورقةٍ يابسةٍ

بين كفوفِ الحنينِ

درعي كي لا أسمعَ خشخشةَ أساورِ الماءِ 

وألتفتَ للَّحنِ المأهولِ بأنغامِ آلهةِ الأزلِ  

حينَ كنتَ تُعيرُني صوتَكَ البدويَّ

كي أخرجَ عن حزنِي وأغنّي


ميرفت أبو حمزة

من ديوان "أساور الماء"



أساور الماء ..ميرفت أبو حمزة / لبنان Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 18 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.