امرأة غريبة الأطوار ...هيثم الأمين / تونس

 امرأة غريبة الأطوار

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

كوني امرأة عاديّة كباقي النّساء؛

امرأة لا تنصب أنوثتها فخاخا لثعالب عيوني

ثمّ تحزنْ

لأنّي، 

رغم كلّ اللّغة التي أضرَمَتْها في أصابعي،

أدّعي 

أنّي ما وقعتُ، يوما، في الشّعر !

لا تصدّقي، يا سِلال التّوت الأبيض، أنّ كلّ النّساء قصائد تُكتب

وأنّ الشّعراء 

أنبياءٌ 

يمشون على صفحة المجاز دون أن يبتلعهم الصّمتْ.

كوني امرأة عاديّة

تعدّ لي الطّعام وهي تشتمني،

تعدّ لي الشّاي و تقلّل من السّكّر

لتكون رشفتي الأولى، منه، مرّة كيومها المرْ

وتعدّ لي جسدها.. ثمّ تمارس اللّعبة.. معي.. مغمضة العينين

فأراهمْ.. كلّ رجالها

يضاجعونها خلف وجهها الموصد 

فيكبُر، في حنجرتي، نبيْ

ألواحه كلّ جدران الشّوارع البذيئة !

يا امرأة غريبة الأطوار

لا تشرب قهوتها، صباحا

إلّا وهي تتصفّحُني كأخبار جديدة

وفي المساء؛

حين أعود حاملا كلّ تعبي،

أسماء الشّوارع التي تعارفت، من جديد، على خطواتي

والأرقام الجديدة التي صارت تشير لي...

تخلع عنّي يومي كاملا

دون أن تفتّش بين طيّاته و على ياقته

عن أحمر شفاه امرأة أخرى

أو عن منديل مبلّل بعطر نسيته عابرة في جيبه !!

ثمّ 

تحملني طفلا بين ذراعيْ دندنتها،

تصنع لي أرجوحة عند شفتها السّفلى.. و تُمرجحُني

ولا تلومني 

إن أنا، ككلّ الأطفال، أفسدتُ اللّعبة !

يا امرأة غريبة الأطوارِ

كقصائد مشهورة جدّا لشاعر لا أحد يعرفهُ

كوني عاديّة جدّا كباقي النّساء

فأنا رجلٌ دون العاديّ، في حضرتِكِ

ينسى كيف تكتب القصائد

كلّما بانت له حقول الغيم الأبيض تحت تنّورتك الطّويلة،

ينسى كيف يناديك "حبيبتي"

كلّما سمعك تضحكين

ويصير قبرا مجهولا

كلّما تسلّل إليك الحزن

ولأنّك لست امرأة عاديّة كباقي النّساء

لا يجرؤ أن يضمّك

حتّى لا تشاهدي شظاياك على صفحة صدره المبلول بك.



امرأة غريبة الأطوار ...هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 20 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.