كبرتُ و لازالت روحي هناك بقلم محمد زادة سوريا
...
................
•
كبرتُ....
ولازالت روحي هناك
في شارع المدرسة
أمّي تسحبني إلى الصف
وأنا صراخٌ يعلو في الممرات
كبرتُ....
لا أحد يشتري لي ثياب العيد
ولا أحد يسألني عن وليَّ أمري
صار عندي بيت
وصرتُ أعرف تكلفة المؤن
وكيف تنتقل من السوق لمطبخ البيت
وعرفتُ أن الحلوى لا توّزّع مجانآ
وان الأم أيضآ تحب الحلوى
ولا تأكلها
كبرتُ....
لا أحد يأخذني إلى الطبيب
ويشتري لي الدواء
لا أحد يتحايل عليّ ويُغريني بالسكاكر
كي أشرب الدواء
لا أحد يمسح بقبلةٍ سحرية
ألم وخز الأبر في ساعدي عند الطبيب
كبرتُ....
لاأحد يُزيّن البيت بصوّري
لا أحد يُسرّح شعري
أو يوّبخني إذا أتسخت ملابسي
لا أحد يقلق حتى الصباح
إذا سهرتُ خارج البيت
لا أحد يفتّش جيوبي
لا أحد يشتمُّ أصابعي أن كانت تفوح منها
رائحة الدخان
كبرتُ
فقدتُ كل أعمامي وصرتُ عمّآ
وفقدتُ أخوالآ لي وصرتُ خالآ
وصار أسمي يُكتب على بطاقات الدعوة
لأعراس الأقرباء والأصدقاء
وصرتُ أشتري ملابس العيد لأطفالي
وعرفتُ لماذا كان أبويّ يشتريان لنا ثياب العيد
ويرتديان ثيابهم القديمة
كبرتُ
وصار عندي علّاقة مفاتيح
ومحفظة نقود
ودفتر ديون
وأصدقاء يعملون في السياسة ويكذبون
وأصدقاء يخدعون نساءهن
أصدقاء أشعلوا الثورة
وأصدقاء قتلتهم الثورة
أصدقاء طيبون فوق الأرض
وأصدقاء رائعون تحت الأرض
كبرتُ كثيرآ يا أمي
وأجريتُ تخطيطآ للقلب
وفحصآ للعيون
وصرتُ أتناول المسكّنات
وآخر كتاب قرأته
كان عن الأنسولين
كبرت وأستطيع بسهولة أن
أميّزُ بين الصداع والأحزان
وصرتُ أسافر وحدي
وأقرأ الصحف في القطارات
صار عندي هاتفٌ جوّال
وصرتٌ أفهم لعنة المسافات
كبرتُ يا أمّي
ولازلتُ ذلك الطفل الواقف هناك
في السادسة من العمر
المختبئ خلف الباب خجلآ من الضيوف
و الذي كان يتعلق بثوبكِ في الشوارع
و لا يغادر حضنك في بيوت الغرباء
ذلك الطفل الذي كان
يجمع كل الجيران ببكائه
إن استيقظ مرة
ولم يجدكِ
......................................
من لا تدوين لهذا العمر
كبرتُ و لازالت روحي هناك بقلم محمد زادة سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
11 مارس
Rating:

ليست هناك تعليقات: