يأتي الظّلام بقلم محمود طارقي تونس


عندما يتّسخ الماس بالدّماء في إفريقيا
ثم يلمع على صدور الأوروبيات،
يأتي الظّلام...
وعندما تبهت أرقام المتر من الاحتكاك على خصور زوجات صُنّاع الحروب
لأخذ المقاسات
وتصميم فساتين حفلات السلام،
يأتي الظّلام...
وعندما يُعانق الزّوج زوجته
ومن صرير السّرير أثناء الجنس يكتبان عظام طفلهما في الأزل
وهما يعلمان أن اللّحم الذي سيكسوها من الحروب،
يأتي الظلام...
وعندما تتذكّر أرملة زوجها
فتُمرّر يدها بين سرّتها وصدرها لتتحسّس غيابه
وتمصّ شفتها السّفلى لتتذوّق موته،
يأتي الظّلام...
وعندما يتوقّف يتيم ليشاهد قبلة أمٍّ تلتصق على خدّ ابنتها
ثم يسير كدمعة على الطّريق،
يأتي الظّلام...
وعندما تتكاثر المخيّمات كالحصبة على جلد الأرض
ونصنع مزيدا من الأدعية والخطابات عوض الدّواء،
يأتي الظّلام...
وعندما تُمطر السماء
فينمو الجوع مع القمح،
يأتي الظّلام...
وعندما ينضج الخبز سياسيّا قبل أن يدخل إلى الفرن،
يأتي الظّلام...
وعندما أنهض في الصّباح
وضلوعي تؤلمني من التّفكير في إخوتي،
يأتي الظلام...
وعندما ترتفع يدي للسّلام
فيخفضون رؤوسهم
لأنّ حربا تعمي عيونهم،
يأتي الظّلام...
"عندما يخلع النّهار ثوبه، يأتي الظّلام"
وعندما أجلس في ظلام غرفتي
فيتسرّب النّور من شرخ في الباب
ويرتمي على الجدار مُحمّلا بصور الغد،
يأتي النّهار...
فالنّهار الذي مازلنا ننتظره
ليس أكثر من تعديل بسيط في شرائع الأرض،
كأن يلمع عقد الماس على صدر إفريقية
دون خوف من أن تسيل الدّماء.
يأتي الظّلام بقلم محمود طارقي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 27 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.