لستُ نُوحاً بقلم مصطفى لفطيمي المغرب




لستُ نُوحاً
و أنا أحْمِلُ اليابسةَ
على كتفي ،
من شِدَّةِ الرُّطوبَةِ :
صِرْتُ أنْزَعُ قَميصيَ المُلوَّنَ ،
و أقذفُ حجراً
في الماءِ ،
أرشُّ به على السُّمَّاقِ ،
و الحَبَقِ ،
و صائِدَةِ الفَراشَاتِ
الوَسِيمَة .
و انا أحْملُ المَنازِلَ
و المَقَاهي .
و سورَ المَدْرسَةِ القديمة ، و المَقابِر .
تذكَّرتُ من كان قبلي
يحْملُ الأرضَ
بين المَفاصِل :
هيرودوت ،
و شجرةَ الدُّر .
صامويل بيكيت ،
و لوتريامون .
عبدالله راجع ،
و سعدي يوسف .
تذكَّرْتُ صرْخةَ صائدِ السَّلاحِفِ
في الحُقولِ ،
حين اشْتعلتِ النّيرانُ
في الأصابعِ .
و سائقَ العربةِ
الذي يجُرُّ العاصفةَ إلى النَّهْرِ
فتسْبقُهُ السُّيولُ ،
و الخُيولُ .
تَذكَّرْتُ اليابسةََ
و البحرَ ،
و النجمةَ التي كانت تَحُطُّ
على كتفي ،
في آخر اللَّيْل .
كُلَّما صفَّرَتِ الريحُ
في القََصَباتِ
بكيتُ ، أنا ،
من فَرْطِ المُلوحةِ
و سَالَ دمٌ غزيرٌ
فوْقَ الرَّصيفِ .
أنا مثلاً ،
لستُ دييغو ريفيرا
أرْسُمُ بالصَّمْغ :
وجه آدمَ ،
و حوَّاءَ
و التفاحةَ المقضومةَ .
أو أرْسمُ بالسُّخامِ :
يداً فارغةً على وشْكِ
أنْ تصيرَ سحابةً .
و انا أََحْملُ اليابسةَ
عاريةً
سوى مِنْ عِظامٍ
و بَقايا فاكهةٍ ،
فَكَّرْتُ في كتفي
كَيفَ يَرْفعُ الظِّلالَ
و الأشْْجارَ ،
و أَعْمِدَةَ الكَهْرَباءِ ،
و يَبْقَى كتفي .
كيف يَحْملُ المُدَنَ
و تَاجَ مَحَلٍّ ،
و يبقى خَفِيفاً
مِثْلَ رِيشَةٍ.

لستُ نُوحاً بقلم مصطفى لفطيمي المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 12 سبتمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.