ثرثرة بقلم عامر الطيب العراق


قبل قليل أنجبت صديقتي طفلاً
لا يرضع
حاولتْ أن ترغمه
لكنه لم يكن صورة لرجل طيب في المستقبل .
عيناه مغمضتان
و فمه يرتجف كما لو أنه يتنفس من شفتيه
وهو غاضبٌ في وجهي
و في وجهها أيضاً
و في وجه أبيه لو كان أبوه حاضراً .
لقد خرجتُ منذ ساعات وهو يصرخ
كأنه أحب شيئاً في العالم
أو كأنه عرف أننا سنختار له اسماً !
...
لقد مشيتُ خلف ظلي
لأنني توقعتُ أن أجدكِ هناك ،
في الظلال تسكن النساء و الشياطين
هذا ما عرفناه من أمهاتنا
و هذا ما أقصده الآن
و أنا أضطرب بسبب كلامك السابق
عن الرغبة
و أغش أصدقائي لأطمئن على وجودك
في المقهى .
المقهى فرغتْ كأن الناس
في المدن الكبيرة ينامون فجأة .
أنا و أنت على كرسيين متقابلين
حاولت أن أضحك
أو أزيح النعاس عن عينيك
بطريقة ما
لكني تفرجت على نفسي
و أنا أفعل ذلك
فقلتُ لك أحبكِ بسرعة
و خجل مبهم
كما أقول لشخص في الطابور :-
من فضلك لقد دستَ على حذائي!
...
لا يمكنني أن أترجم سعالك
و خوفك و هشاشتك إلى لغة اخرى.
هل سيعرف الأجانب
أنك في العتمة أطول مني؟
و في الأوقات الواضحة
تبدين مثلي
قصيرة من جهة
و نحيلة من جهة ثانية.
هل سيعرف الأجانب
أننا نحب لنتوقف عن النظر
لبلادنا و هي تلتهب
أو نموت لنتربى في النهاية على يد الله!
...
ينام الإنسان الطبيعي
سبع ساعات في اليوم
لكن الفنان يصير نومه أقل
بعد أن يبلغ
ثم يصير أقل بعد أن يرسم لوحة مفاجئة
في الفجر
ثم يصير أقل
بعد أن يتحدث مع امرأة
عن حياته الشخصية
كما لو أنه سيحبها لاحقاً .
ينام ساعتين فقط
و يفكر :
إذا تعرف على امرأة ثانية
فيفترض عليه
أن يخترع حياة شخصية أخرى!
...
هل الموسيقى حزينة
أو نحن حزينون ؟
في مثل هذا الوقت
تصبح السماء عالية
لكنها لم تصبح كذلك الآن
ما الذي حدث؟
لا بد أن إلهاً كئيباً
خسر في لعبة
و ألف الموسيقى الحزينة كلها !
...
لا يدل اسم هند إلا على فتاة اسمها
هند تعود إلى البيت متأخرة
لتحدث أمها
عمن تحرش بها اليوم ،
لقد صارت أمها
تسجل أسماء الرجال المتحرشين
و صفاتهم و أعمارهم أيضاً
مما جعل هند تهمل الأسماء هكذا :
رجل أسمر عمره خمسون سنة
رجل طويل عمره أربع و ثلاثون سنة
رجل قصير لم أعرف كم عمره إلى الآن
الرجل القصير نفسه
الرجل القصير في مكان آخر
الرجل القصير عمره ثلاثون سنة فقط
الرجل القصير يحفظ أشعاراً شعبية
الرجل القصير يدخن كأنه يحبني ..
لا تسجلي شيئاً
لا توجد رغبة في الحديث
الرجل القصير لم يتحرشْ بي اليوم!

ثرثرة بقلم عامر الطيب العراق Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 11 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.