سأنتظرك على العشاء ......هيثم الأمين / تونس
لا تنتظريني على العشاء
فمازال أبي،
منذ أحد عشر عاما، يمارس عُطلَهُ
و أنا، مازلت منذ شهرين، أمشي بعكّازْ
و اليوم، كُسِرَ مرفق أمّي
فلا تنتظريني على العشاءْ
لأنّي سأعود
متأخّرا جدا
ليس من العمل، فأنا لا عمل لي
و ليس من بيت صديقتي القديمة
فكلّ صديقاتي أرصفة لا عناوين لها
و لكنْ، ربّما، سأعود من حانة
حانة لا تكشف وجوه روّادها للعيون الثرثارة
و تقدّم لزبائنها دروسا مجانيّة في كيفية الترنّح دون سقوط،
و العشاء
معكِ
سيجعلني أترنّحُ طويلا
قبل أن أسقط على صدرك باكيا
فأنا محتاج جدا للكثير من البكاءْ.
لا تنتظريني على العشاء
فأنا، حتما، سأعود متأخّرا جدا
من ذاك المقهى الذي لا يعرفُني
و يكتفي فيه النادل بمناداتي" يا حاج"!!
هناك
سأجلس معي وجها لوجه
سأشرب قهوة أو ربّما قهوتين أو أكثر
و سأقزقز الكثير من الوقت المالحْ
كما تقزقزين بذور عبّاد الشمس
و سأتفّ قشور الوقت
على وجهي
على وجه الطاولة
على وجوه الكراسي
على وجه الجدار المتأفّف من دخان سجائري
و على وجه النادل المتثائب و هو يناديني " يا حاج".
هل أخبرتُك، هذا الصّباح، أنّي أحبّك جدا
و طالبتُكِ بأن تنتظريني على العشاء؟!!
منذ ثلاث سنوات، تقريبا
و أنا كلّ صباح أخبرك أنّي أحبّك جدا
و أطالبك أن تنتظريني على العشاء
و أنتِ
كلّ مساء
تنسينْ
فأتناول عشائي وحدي
منذ ثلاث سنوات، تقريبا
و أنا أمارس عادة انتظارك على العشاء
فقط
لأخبرك و نحن نجلي الأطباق
أنّي أحبّك جدا
و أنّي أحتاج صدرك مرقصا للبكاءْ!
هذا مساء،أيضا، أعلم أنّك لن تنتظريني على العشاء
و أنا، ككلّ مساء، سأنتظرك على العشاء
و أبكي...
سأنتظرك على العشاء ......هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
13 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: