دردشة مع فنّان: لقاء مع الرسامة التشكيلية و الشاعرة روناك عزيز العراق



حاورها هيثم الأمين






-         مرحبا أستاذة روناك عزيز. لو تقولي للقارئ الكريم من هي روناك عزيز؟
-         روناك عزيز تشكيلية من كوردستان العراق درست الفن في بغداد وعملت في مجال تدريس الرسم عملت عشرات المعارض التشكيلية في العراق وبعد ان هاجرت الى السويد بدأت هناك ترسم من جديد وشاركت في عشرات المعارض في أوروبا والسويد الى أن أسست بصمة خاصة بها. كما شاركت غيابيا في مصر. اغلب مشاركاتي و معارضي كانت في السويد وألمانيا وباريس والنمسا وفنلندا
-         سؤال عرضي، ماذا يعني اسم روناك؟
-         روناك إسم كوردي ومعناه النور أو الضوء
-         جميل اسمك سيدتي، الرسامة روناك ماهي التقنيات و المواد التي تستعملها في الرّسم؟
-         نعم استخدم كل ما متوفر حولي من مواد مختلفة الالوان ممكن تكون زيت او اكرليك او مائية واعمل ايضا بالكولاج استخدم مواد مختلفة من ورق وخيوط وقماش وحتى فساتيني القديمة ممكن ان تتحول الى لوحة .
أهم ما في الأمر افكر في البيئة وتدوير المواد حيث من الممكن جدا ان نحول أشياء مهملة الى عمل فني جبار
-         جميل حقا سيّدتي. هل أعمالك تنتمي لمدرسة تشكيلية بعينها أم هو الخيال و الريشة من يتحكمان في الامر؟
-         أرسم بشكل تعبيري تجريدي اعشق التجريد وأغوص في اللون كانني اسبح في مجرات الكون لاشئ أجمل من أن تفك قيود اللوحة وتجعلها اجنحة وتحلق نحو الجمال.
الأشكال تأتي وتذهب اقصد الشخوص في لوحاتي هي حزينة ومتمردة لكنني أريدها طليقة خارج كل الاطر ارسم الحزن دون وجه وارسم العشق وارقص كل هذا ولاترى شخصا على اللوحة انهم ببساطة خارج اللوحة يتأملون بهدوء.
مؤخرا بدأت أرسم بقدمي كانت هي مرحلة وتجربة مؤقتة فقط أعبر بها عن عجز أصابعي كانت من ضمن سلسلة اعمال اسمها انا كنت هناك حيث الإنسان يترك اثرا أينما يذهب سرعان ما تحولت خطواتي الى لوحات حقيقية وعلقتها على جدران معارض مهمة هنا في مدينة غوتنبورغ السويد.
تعجز الأصابع ان تتبع الروح أحيانا تعجز الالوان وتعجز الصدف أن تخلق مانريد علينا فقط انتظارها كي تأتي كمعجزات أخيرة لا أقلد لا أحب التقليد أن أن أكون انا في جنوني في بساطتي في غضبي في عفويتي وانا ارسم لا اريد ان تغيرني الأماكن والأزمنة وكي أبقى كذلك فانا عاشقة دوماً عاشقة لكل ما حولي من جمال.
العشق يجعلني أتحدث بصمت وأحلق دون اجنحة. العشق هو فني الذي ولدت معه. فأنا أتمنى سجناً انفراديا كي اتفرغ للرسم فقط بعيدا ً عن كل ضوضاء. أحب عزلتي واقدسها وما اجمل عزلتنا مع اللون والحرف.
-         في رحلة ريشة روناك عزيز من الشرق إلى الغرب هل تغيّرت موضوعات ما ترسمه؟
-         كنت ارسم نساء حزينات باكيات كنت ارسم رجالا ونساء مقيدين كلهم يصرخون ايتها الحرية أين انت هكدا كانت مواضيع لوحاتي سابقا بعد هجرتي واستقراري هنا ابتلعني البرد والظلام والغربة هدأت لبرهة وبعدها رسمت بشكل تجريدي وتغير أسلوبي مازلت ارسم أولئك الناس الباحثين عم الأمان والوطن غير انهم هناك خلف جدار أحاول ان اعطيهم بعض الأمان والحب. لنقل انها هدنه موقتة مع الأشكال اريد لها ان تتخد مواقعها في الروح والقلب بدل قماشة اللوحة
-         هل سببت لك لوحاتك احراجا في الشّرق؟
-         نعم مرات كثيرة بسبب رسمي نساء عاريات انتقدوني جدا لا اهتم لانني اعرف تماما ما اريد ان ارسمه بأصابعي
-         بالضبط، هذا ما أريد الوصول له. جسد المراة العاري مع طمس الوجه و الكثير من الألوان الداكنة خاصة الاحمر القاني هل هذه روناك أم امراة أخرى لا تعرفها؟
-         انها كل إمرأة في وقت معين
-         تقصدين المراة الكوردية أم الشرقيّة أم حتى المرأة الأوروبية؟
-         كل نساء الأرض دون تفرقة
-         حين تختلي السيدة روناك بموادها داخل مرسمها هل تصاحبها الموسيقى أم الصمت؟
-         لا مرسم عندي البيت كله يتحول لمرسم المطبخ والغرف الموسيقى اجمل وأروع ما حولنا وبالطبع الرسم مع الموسيقى شي رائع.
-         ما نوع الموسيقى التي تصاحب ريشة الاستاذة روناك و هل من طقوس أخرى تكون حاضرة حين يحضر الرّسم؟
-         والله نادرا اسمع الموسيقى بسبب انشغالي الدائم احب الموسيقى الكلاسيكية جدا و لا طقوس لي اثناء الرسم
-         سؤالي التالي أو بالاصح اسئلتي ستكون عن لوحاتك. طبعا يرسم الفنان ليعبر عن نفسه أو عن الآخرين و يعرض ليعرّف بأعماله و ليشارك الآخرين مشاعره فهل هناك من ضمن أعمالك لوحة تعتبرينها تعبيرا صريحا عنك و لو مكن صورة لها
-         نعم أعمالي تعبر تماما عني انها كالمرآة التي ارى نفسي فيها اغلب أعمالي قبل ان أهاجر كانت كذلك الان بعد الغربة صار الأمر مختلف سرت أرسم محنة الآخرين صرت ارسم احزان الجميع الا أنا
-         أخطر لوحاتك أفصد اللوحة التي تخاف منها روناك عزيز الانسانة
-         ما عندي لوحة خطرة لم ارسم بعد شيئا اعتبره خطيرا كل ما رسمته هوامش لونية ومازلت احلم باللوحة التي اريد ان انجزها
-         هذا السؤال بامكانك عدم الرد عليه. هل باعت الاستاذة لوحات لها فقط لتأكل؟
-         لااااا اطلاقا انا اعمل مدرسة للأطفال لأيمكن ان تعيش على الفن او من ايراد بيع اللوحات لكن هناك ناس يكونون معجبين جدا بعمل ويحبون اقتناءها وأبيعها ويحدث ايضا أنني أكون تحت طائلة ديون عندما اشتري ألوان وأدوات الرسم دون التفكير في اسعارها ثم فعلا افكر ان أبيع كي استمر في الرسم وهكذا
-         الرسم بطريقتك اي التجريدي يحتاج ذهنا صافيا و الكثير من الخيال فهل حدث و خانتك الألوان قبل اكتمال اللوحة
-         الرسم اي رسم يحتاج الى التأمل والذهن الصافي والتركيز حتما من الصعب ان نعمل في وضع اخر مشوش لكن حدث كثيرا أني ارسم عمل ولا اقتنع به ثم اعود ل ألغيه تماما بينما التقط له صورة بكاميرتي وبعدها الغي اللوحة ل اصنع منه فضاءا جديدا. ان تخونك الالوان والأصابع شي عادي جدا تماما مثل معرقلات الحياة اليومية
-         هل هناك فنانون شرقيون تحلم الاستاذة بان يكون لها معرض او معارض مشتركة معهم
-         فنانينا الكورد والعرب مبدعين جدا وبالطبع شاركت معهم في معارض كثيرة مشتركة والقادم احلى
-         هل تذكرين لي اسماء و جنسيات و نعتذر مسبقا لمن سقطوا سهوا من القائمة
-         اسماء الفنانين الي أتمنى اشترك معهم في معرض آزاد نانكلي و قرني جميل و رسمي الخفاجي و ياسر الصافي و هازا براخاس و جوان خلف و نزار صابور و إبراهيم الحسون
-         لكل فنان حلم يسعى إليه على المستوى الفنّي أقصد فيعد العالمية إلى ما تطمح الفنانة روناك عزيز؟
-         والله العالمية شي كبير مستحيل ان اطلق على فتي انه عالمي لكل وجهة نظر انا شاركت في مئات المعارض وعشت حياتي عاشقة للفن غير أني في الوقت نفسه اشعر أني مازلت في شرنقة والخروج منه سيكون صعبا. فأن تكون فنانا حقيقيا عليك ببلدك ووطنك ثقافتك ناسك وكل تلك التفاصيل الصغيرة الفنان لأيمكن ان يبتعد عن واقعه وشعبه وقضاياه المصيرية لن تكون فنانا اذا نسيت شعبك ووطنك.
-         سيدتي أنت مراوغة، لقد درت بي حول العالم و لم تخبريني بحلمك
-         انا هنا. لم ارسم بعد وبيني وبين الخمسين خطوة انا الطفلة التي لا تكبر
-         الفن لا يعترف بالعمر و  لوحة واحدة لفنان في اخر لحظات حياته قد تنشئ مدرسة باسمه و للوحات حظوظ ايضا
-         طبعا
-         و حلمك؟
-         حلمي ان تكون لي بصمتي الخاصة وان تكون فعلا لوحاتي تعبر عن قضايا شعبي. لا أنافس احدا.  الفضاء مفتوح دوما للجميع لكن فعلا هناك كثيرون يخشون من امرأة ترسم بأصابعها مثلي
-         السيدة روناك عزيز هل تزعجها روناك عزيز الرسامة؟
-         هههههههههههههههههههه...  وصلت الصميم
-         هل السؤال مضحك لهذا الحد؟
-         نعم
-         لماذا؟
-         انا أغار من روناك الرسامة
-         كيف؟؟؟؟؟
-         العاشقة المجنونة روناك تريد ان انام بين الالوان أصابعي وقدماي أدواتها بدل الفرشاة هي مجنونة تماما لو طاوعتها ساموت. هناك صراع أزلي في داخل كل منا. صراع بيني انا ك إنسانة لدي التزاماتي وعقلي وحياتي وأطفالي وبين روناك التي دوما ً تهوي بي نحو قاع الجنون.
-         الجنون أكلة الفنان المفضلة. هل ندمت لأنك صرت رسامة
-         لاااااااااااااا لن اندم، لكن حياتي خربت بسبب الفن للاسف. لامعنى لحياتي كلها عناء وكفاح. ان تصل للنهر ولاتشرب منه، ان تركض دوما ولاتصل و  ان تغني وحدك بينما الآخرون لايسمعونك...
-         أظن الامر عام في شرقنا مع الاسف
-         نعم
-         الكلمات لها نصيب في حياة الاستاذة روناك عزيز هل هو عجز الرسم عن التعبير ام لسبب اخر؟
-         ولدت وفي فمي قصيدة شعر
-         هل الشعر كان قبل الرسم؟
-         لا، هما توأم. لكني لم اكن يوما في مضارب الشعراء وأمسياتهم كنت انضح حبا ً ف احاول ان اكتبه وكنت احزن ف احاول ان ابتسم. ما اجمل الحب يا صديقي
-         الحب للشعر ام في المطلق؟
-         في المطلق، لكل شي حولنا
-         أعتقد انك قد قمت بطبع مجموعة شعرية لو حدثتنا عنها قليلا سيدتي
-         الريح ذئب ايتها الغابة عنوان ديواني الأول
-         متى صدر و اين كم نصا يحوي و هي قصائد نثرية؟
-         سيصدر اول يوم في ٢٠٢٠
-         هذا سبق اذا لمجلتنا؟ هل لك ان ترسلي صورة لغلافه
    



-         ماهو السؤال او ما هي الاسئلة التي كنت تنتظرين ان اطرحها عليك و لكني لم افعل؟
-         هل تعتقدين يوما انك ستتركين الكتابة ام الرسم  او كلاهما؟ هذا سؤال
-         لا اعتقد انك ستفعلين
-         اعتبر نفسي فاشلة كبيرة في كل شي سنوات مرت وانا تارة أتوقف عن الرسم وتارة عن الكتابة غير انني اعود دوما لا اقدر ان أعيش دونهما. لدي مشروع كتاب "رواية" أتمنى ان يرى النور.
السؤال الآخر: من ماذا تخاف روناك؟
ان ياتي الموت ويبتلع أحلامي كما ابتلع أحلام كثير من أصدقائي وصديقاتي رحلتنا ستنتهي يوما مع الحياة غير اننا نعيش في قلوب من نحب. واخاف كثيرا خسارة من احبهم
السؤال الآخر:  هل تطمحين انت تكون اعمالك في المتاحف ام في بيوت الناس.
 هناك فرق. الناس، معظم الناس، يحبون شيئا جميلا يعلقونه على جدرانهم لوحاتي لاتناسب ذلك ربما ذات يوم ارى أعمالي في المتاحف وذلك اجمل ما اتمناه. لايهمني ان أبيع لوحة بمبلغ كبير. ما يهمني ان يفهم الناس لوحاتي ويتفاعلون معها.
السؤال الآخر: لو لم تكوني رسامة مادا كنت تودّين أن تكوني ؟؟
 إجابتي: مخرجة أفلام فأنا احب التمثيل جدا لكني بارعة في تصوير المشاهد في خيالي وكأني ارسم لوحة
-         نعم، الامر لا يختلف كثيرا نسبيا حتى ان بعض اللوحات قد تستخدم كخلفية لعرض مسرحي مثلا
السؤال الآخر: أين تتمنين العيش هل هناك مكان محدد أو بلد ما؟
-         أظن كودستان العراق الذي تشبه حلمك
-         نعم الوطن اجمل مكان في الدنيا.  أتمنى ان تنهتهي الحروب ان يتوقف القتل. شكرا لك عزيزي
-         شكرا جزيلا لك سيّدتي على لطفك و منحنا من وقتك وقتك.













دردشة مع فنّان: لقاء مع الرسامة التشكيلية و الشاعرة روناك عزيز العراق Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 12 ديسمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.