هنا ....هناك .....بقلم هيثم الأمين / تونس
أنتِ.. لستِ هنا
أنا.. لستُ هناك
أنتِ لم تطبخي شيئا الليلة
و أيضا لم تغسلي الأطباق
لهذا يبدو المطبخ جائعا
و هو يغسلني من جوعي اليوميّ
و يدندن أغنية لقّنها له الشّتاء حين عبَرَنا و كنّا منشغلين باحتطاب الدّفء من غابة اللقاء.
لا أخبار جديدة تقدّمها مقدّمة الأخبار و أنتِ لستِ هنا
مسلسلك المفضّل صار يشبه حزننا
الأغطية التي ما عادت تجمعنا تشعر بالبرد
و كلّ شيء صامت
إلّا المغسلة التي مازالت تثرثر و تئنّ و هي تلوك ملابسي.
أنتِ.. لستِ هنا
أنا.. لستُ هناك
يطرق نافذتي ريح بارد يبحث عن شريط أحمر علّقته عزباء على غصن وحيد
ليفكّه و يفكّ وحدتها
الريح البارد لم يسألني عن الطريق
و لم يسألني لِمَ أهديتُ معطفي الوحيد لرجل ذهب يبحثُ عن أناه في الغياب
الرّيح البارد جاء ليذكّرني
أنّه لو كنِتِ أنتِ، الآن، هنا
أو لو كنتُ أنا، الآن، هناك
لكنّا...
نتشاجر الآن
أنت ترغبين في مشاهدة مسلسلك المفضّل
و أنا أصرّ على متابعة مقدّمة الأخبار
أقصد متابعة الأخبار
أنت تجلسين على الأريكة
و أنا أستلقي على الأرضية، أدخّن سجائري و أرتشف الشّاي
و أثرثر لك عن آخر مشاكلي في العمل
و عن الرّاتب الذي صرفناه في زياراتك الأخيرة للطبيب
و أنت تقظمين أظافرك كطفلة مصابة بالقلق
و تتساءلين: هل تُراه نسيه هذا العام؟!!!
لو أنّنا كنّا هنا... أو هناك
فحتما، الآن، سيصيبك النّعاس
و في طريقك إلى غرفة نومنا
ربّما بحزن
ستردّدين: لقد نسيه هذا العام!
الآن، في غرفة نومنا
على وسادتك
ستجدين علبة صغيرة و ورقة
فلا تفتحي العلبة
و اقرئي الورقة
هل قرأت الورقة الآن؟!!!
أنا واقف عند الباب
باب غرفة نومنا
أو ربما أنا بجانبك الآن
و أوشوش لك: كلّ عيد ميلاد و أنت عيدي...
أنت لست هنا
أنا لست هناك
و لا رغبة لي، الليلة، في أن أحتفل
بكِ
وحيدا...
هنا ....هناك .....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
13 ديسمبر
Rating:
ليست هناك تعليقات: