غازٌ مسيِّلٌ للأرواحِ ......بقلم أحمد رافع / العراق



              I

أوقدوا الأصابعَ شموعاً
في هَزِيعِ المبنى
وإلهُ الموتِ يرشَقُ ببصرهِ من رِتَاجةِ الجَبَلِ
عن قصيدةٍ حمراءٍ سائلةٍ في التحريرِ
ورأسٌ مُتفحمٌ من عصفِ اللظى
وسيقانٌ تقذفُ الأقدامَ في ساعةِ الحصاد
وجماجمٌ تحفرُها القنابلَ
وأخرياتٌ يأكلنَّ بؤبؤُ العينِ
تترصدُ البدلةُ السوداءُ خلفَ الجدارِ
إلى حُزمةِ الصبيانِ
وأكليلٌ منكوبٌ بالرمادِ
يُكافِحُ جَلْجَلَةَ الجياعِ بِرَصاصةٍ
ويحمي ماوراءَ الحواجزَ زِناةَ الليلِ
كالرغيفِ يَطوِي العِراقَ في الحقيبةِ الصفويّةِ
شَقَّقَ ثوبَ بغدادَ،
قَصّ جدائِلُهَا الطويلةَ
وأرخى الموتُ الثقيلُ على أكتافِها

                   II

الرئةُ نيكوتينٌ لحميٌّ
والمقلُ تذرِفُ الدموعَ من المهدِ
نسخرُ من الغازِ ونلهوا بالقنابلِ
ننشدُ ترانيمَ الليلِ
على أرجوحةِ القمرِ
والرَصاصُ يصل إلى المحطةِ عاقراً
يتيهُ بين آلافِ النجومِ
تخفقُ أجنحةُ الجمهورِ الطويلةُ
يذعِرُ الشغبُ من تأجيجِ التُرابِ
وضجيجُ الأقدامِ كحوافرِ الخيلِ في الوغى
يختبئُ لصوصُ الدينِ
بين الحشائشِ الخضراءِ وأوراقِ الضفادعِ
يتسلق ألفُ اللهِ بحبلٍ مشبوهٍ
ويرقصُ على الهاءِ غجرياً
تغابى صمتُ الأسودِ بين الأشجارِ
وإنهيارُ الشلالِ على مستنقعٍ راكدٍ
قنبلةٌ صوتيةٌ أسمعِتَها؟
هذي الشظايا والرماد
يتجهونَ في تقوّسٍ
إلى دماغٍ مُتحررٍ من الأوثانِ البشرية
إلى فمٍ يبصقُ على قساوسةِ الدين
إلى صدرٍ ينزفُ تحت الطابوق
إلى أسنانٍ لم تقضمْ الجوزَ في غروبِ الجبال

                 III

وراءُ أقنعةِ الغازِ
مدائنٌ منكوبةٌ وهديلٌ ميتٌ قُربَ النوافذِ
ودخانٌ يغتصبُ العيونُ
تصرخُ سائلةً
من بؤبؤٍ أحمرٍ أنهكهُ سوطُ الدخانُ!
وسعالٌ على الأرصفةِ
وحنجرةٌ على مشنقةِ الدخانِ
تكتبُ قصيدةَ الإختناقِ
وسنابلٌ تشتكي إلى ذِراعٍ ميتٍ
وجِثَثٌ منتفخةٌ
مُعلقةٌ على أسيجةِ الجسورِ
ووقعُ الحواجزِ الكونكريتيةِ
تأكيدُ رمزِ الموتِ
نلوِّحُ بأيدينا كدمِ الغريقِ إلى لحظةِ الجرفِ
تُثيرُ القنابلُ ببسملةِ الله
تهتفُ العياراتُ الناريةُ بتكبيرةِ الله
يُهشمونَ الأضلعَ ويغلّفونَ السماءَ بالغازِ
تحتَ أسمِ الله
ثُم يخنقونَ عُنُقَ الله!

                IIII

تُهلهلُ الثُكلى
إلى تابوتٍ يضيئُ في التحريرِ
تولولُ بين الجدرانِ عند شمسِ المغيبِ
تجثو  لتَباريحِ الحياةِ
تغمغمُ في الشتاءِ
عن خيمةٍ محترقةٍ
وسائقي "التُكتُك"
يجوبونَ بين مصاصيِ الدماءِ
يحملونَ نعوشَ الأمواتِ ومصابيحِ الحُريةِ
الغيومُ الثقيلةُ، أوراقُ الربيعِ
ترانيمُ الناسِ ، حديثُ القمرِ بين النجومِ
رنةُ العصافيرِ ، موسيقى الأمواجُ
ينشدونَ إلى تُكتُكٍ يحملُ على ظهرهِ العراق

احمد رافع محمد علي
25 December

غازٌ مسيِّلٌ للأرواحِ ......بقلم أحمد رافع / العراق Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 17 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.