الجحيم البعيد.....بقلم نسرين المسعودي / تونس
الجحيم البعيد
حيث كنا نصارع الكوابيس في غفلة الهوامش
ننتفض من النوم في صيحة فزع
نتخبط فوق أسرّة صغيرة ترتجف
نركض من غرفنا في نوبة بكاء مرعبة
تحتضننا أمهاتنا و تروضنا رائحة الأمان
نغمس رؤوسنا في ضوء النجاة
نهرب من الغول و الأشباح و قصص العفاريت
الجحيم الذي نلامسه اليوم في يقضة دائمة
البؤس الذي نلقاه في الشوارع و الأرصفة
تعايشنا مع الرهبة و كبر الطفل فينا
و اعتدنا الخوف و الهلاك
توقفنا عن البكاء
دون ضجيج دون إعياء
نفزع دون أن نركض الى غرف مجاورة
الوحوش ملامح نلاعبها كالدمى
رائحة الدم و الخيانة و الجبن
الجثث كالحقن و الحشيش و الجعة الباردة
الحاجة الضمآى لكل الضياع و الحرمان
تصادف الموت بجسد هزيل
شعر مجعد و قلب ذئب شريد
يلطم الأرض بيديه ،يحدق الى السماء
يعوي طول الليل
ينهش كالخفافيش الموحشة
الصيحات فوق الوجوه الشاحبة
قد تلمح الوجع بين الأسنان
و تبحث في صمتك عن الإنسان
ثم تحترق في هذيانك كمدفأة حزينة
قد كان لي وجه يشبه أبي
بيت و أهل و نغم و عيد و قهوة في المساء
كان لي عشق و حلم و عطر ابنة الجيران
كان لي وعد و روح و كتاب و كراس بالألوان
الشمس كانت صدري
و صوت أمي و القمر يبتسمان
حتى سرق الماغول القمح
و شربت الغرابيب شهد السماء
الجراد الجائع من كل صوب
مصاصي الدماء
كان لا بد أن نصير كالجرذان
نتزواج
نتكاثر ،نتناحر
نتقاتل
نقتلع العطور بمخالب النسيان
كان لي
ذراعان وأنامل بيضاء
ريشة ثغر و صباح
كان لي ظهر و صدر
و شفتان تقبلان
الجحيم البعيد.....بقلم نسرين المسعودي / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
06 يناير
Rating:
ليست هناك تعليقات: