أنا لا أنتظرك ...بقلم هيثم الأمين / تونس
هل مازالت تتّسعُ لك شرفتك الصغيرة
و أنت، وحدك، مع كلّ وحدتك؟!
تتبّلين يومك
بدخان سجائرك،
برائحة قهوتك،
بعطرك الخفيف،
برائحة الطّبيخ،
ببقايا أرقك،
بنومك المتقطّع،
بصداعك
و بقلقك الكثير
كعادتك
و لا تأبهين للعب النّوارس على مرأى من نوافذك
و النوارس رسائل البحر لك
و رسائل العاصفة
و رسائل المنتظرين.
مازلتِ ترقصين كثيرا لك
و تبكين أكثرْ؛
تشبكين أصابعك في أصابع القداحة
و تسافرين في اللّهب؛
تكتبين لهاثك قصائد تطعمينها للورق الجائع
أو لمذكّرة هاتفك
و تنتظرين أن يصفّق كلّ هذا الفراغ المزدحم لك !
ثمّ
و كأنْ لا شيء قد حدث،
تقفين شجرة على طول الطريق لتوشوشي الدّفء و الحكايات للعصافير؛
العصافير التي
لم تشهد معارك فؤوس الحطّابين على جذعك
و لم تفطن للريح العاوية في جوفك...
حوّاء،
يا طفلة بطول صقيع و بعرض قصيدة تنتحب،
أما آن لنورس عجوز أن يستريح في حضن شرفتك
ليقصّ عليك
آخر أنباء البوصلات،
حكايات الغول ذي الحدبة،
الأسرار التي خبّأتها السّلاحف في بيوضها
ثمّ دسّتها في رمال الشّاطئ البعيد
و أخبار الأطفال على شواطئ الشّمس؟
حوّاء،
يا طفلة، في عيوني، خارج مقاس التّفاح
و خارج لعبة الذئب و الأرنبْ،
أما آن ليومك القصير جدّا في الخارج
و الطويل جدا في داخلك
أن يعلّم وجهك لعبة غير لعبة الغضب
و أن يعلّم أصابعك
كيف تتفتّح في وجه الجوع باقات ورود و قصائد فرح؟ !
أنا لم أكتب شيئا عنك؛ فلا تغضبي؛
أنا، طبعا،
لا أنتظركُ
كقارب متهالك، على الشّاطئ، ينتظر موجة تعيد له مجد السّباحة
و لا أنتظرك
كصخرة نسيها البحر في حانة المرفأ
فجلستْ،
هناك،
تقصّ الحكايات عن عرائس البحر للبحّارة الثملين لتغريهم بالغرق
و لكنّي أنتظرك
كما ينتظر عجوز وحيد عودة ابنته من المدرسة
ليضحكْ...
لا تغضبي، رجاء،
إن ظننتِ أنّي أنتظركْ !!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى ووّا
أنا لا أنتظرك ...بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
23 مارس
Rating:
ليست هناك تعليقات: