قراءة انطباعية بقلم أحمد اسماعيل لنص مجنون ل ليلة للشاعر المبدع علي جمال


قراءة انطباعية لنص  مجنون ل ليلة للشاعر المبدع علي
 جمال
نص الشاعر  أ. علي جمال
(مجنون لـ ليلة)
يبدو الأمر أشبه برجوعك إلى الوراء خطوتين
لتشرحَ لهم
كيف كنتَ تعلّق على جدار غرفتكَ صُورتَها أثناءَ ماكانتْ تصفكَ بـأنّك إطارٌ شهم،
نعم
يبدو الأمر أكثر صعوبةً و أنت تنقل أشياءك من سَنَةٍ إلى أخرى ،
قد تواجهُ أحدُ أيّامها ، يقابلك بفمٍ مائل و يقف مثل رقمٍ عبوس،
ليسألك مِراراً ؛
-من أنت ؟
-أين كنت؟
-لِمَ جئت؟
هنا عليك أن تتظاهرَ بعدم البُـكاء
و أنتَ فارسٌ يعترفُ على نفسهِ بالخجل..
يبدو الأمر  شاقّا
وأنتَ تحمل فوق منكبيك "صورا كثيرة و أغطية متعرجة و ستائر حزينة و ملابس ضاقَ شأنها و أحذية معاقة و أواني صامته و أثاثا يتيما و سريرا واحدا !"
يجب أن تكون أكثر صلابةً
و أنت تبحثُ عن إجابةٍ طويلةٍ بأنَّ الخذلان جسدٌ صريح أو مفاجئةٌ ساخنة و ليس لها طعم !
 قلْ له بأنّكَ رجلٌ يَبْيَضُّ تدريجياً
كُلّما قرأَ
بأنَّ امرأةً واسعة و تَضحك،
مِثلَ غيمةٍ عفيفةٍ سوف تمرُّ فوقَ إسمهِ
و تمطرُ حليباً صادقاً..
يجعلهُ يعود إلى بيتهِ ركضاً
كمن يهربُ من دَيْنٍ قديم !

#عين

القراءة الانطباعية  بقلمي  أحمد اسماعيل / سورية
في البداية وقبل الشروع في النص أشير إلى أن أجمل ما يميز النثر الأسمر الذي يكتبه مبدعنا هو كسر لقواعد المألوف والنسج الشعري بإيقاع مليء بالحركة الومضية و التي تصنع الدهشة في كل صورة و مشهد
وهذا ما دأب عليه مبدعنا من العتبة العنوانية
فالعنوان تناص لسيرة عاشق كتب عنه التاريخ الكثير واستشهد بشعره في كثير من المواقف  إنه مجنون ليلى
لكن شاعرنا جعل من التناص في العنوان آلة للفضول حين قال مجنون ل ليلة واحدة
ليترك المتأمل على بوابة أسئلة  تمنحه شغف القراءة و الفضول
لم الجنون ل ليلة واحدة؟
ماذا سيصنع في تلك الليلة؟
هل هي كافية ليطفئ جموح جنونه؟
هذه الأسئلة و أكثر كفيلة بأن تصنع روح المغامرة في داخل المتأمل
وهنا نلاحظ كيف استخلص مبدعنا  لنفسه أبجدية خاصة ليلبس النص ثوب الحنين والشوق مثال
الرجوع للوراء خطوتين...
يبدو الأمر  أكثر صعوبة حين تنقل أشياءك من سنة إلى أخرى...
وحتى يجعل إيقاع النص في حالة دارمية متصاعدة استعان بالأفعال المضارعة الحركية التي تمنح الومضات روحا   و يحرك من خلالها زمكانية الأشياء
مثال تشرح... تنقل... يقابلك... إلخ

لذلك بدأ الشاعر حواره بالفعل يبدو
فهنا بدأ بوصف حالة الذات الظاهرة و لا تستطيع الانفلات من واقع الحنين والشوق الذي يجلد الذات بجمر الذاكرة
وهنانلاحظ الحنكة في صناعة الدهشة فمبدعنا شبه حالة الرجوع بالذاكرة وبشخص يرجع خطوتين للوراء
وحين يرجع الشخص للوراء تحت أي ظرف فإنه يرجع بغرض التبصر فيما حدث هناك والتأمل في جزيئات الحدث
فكيف إن كان هذا الحدث لذاته التي تشتاق
لا حظوا في السطر الثاني وضع عبارة لتشرح لهم
وهنا ترجمة للعنوان وتبرير لأعمال الجنون التي يقوم بها الهائم عشقا
وهنا يبدأ حفلة الجنون بتعليق صورتها في غرفته و كيف يستلهم منها لحظات وصفها له بالنبيل
ثم يقوم شاعرما برفع إيقاع الحنين حين يشير إلى نقل الأشياء  مت سنة لأخرى وهنا لعب مبدعنا على وتر الذاكرة المشتعلة وكيف الهائم في حله و ترحاله
ويرسم لحظات ظهورها له بانزياحات محلقة.. تواجه احد ايامها.. يقابلك بفم مائل.. يقف مثل رقم عبوس... دهشة في صنعة المشاهد
لاحظوا الروح التي يمنحها مبدعنا للايام و الفم و الرقم من خلال حركة الانزياحات

في المقطع الثاني يعرض المشهد و قد اكتمل شخصيات الحوار فمن يحبها بعد استحضارها من الذاكرة تطرح أسئلة لتزيد من نسبة الشتات داخله
من أنت؟
أين كنت؟
لم جئت؟
وكأن ذات الشاعر في جلسة تحقيق
بعدها يرسم مبدعنا كيف يتحايل على عاشقته وهو يبدأ بالبكاء
علما أنه من نمط الأشخاص الذين يعتدون برجولتهم كالفرسان لذلك اعتبر الخجل خارج نطاق تفكيره فهو حتى يكون فارس أحلامها عليه أن يقتحم الصعوبات رغم المشقة
والمشقة في تدافع الصور في الذاكرة و التي لاتسمح له بالانفلات و التي رسمها مبدعنا بطريقة سينمائية ثلاثية الأبعاد
فالأنسنة في كل شي تذكره الذاكرة مثال
اغطية متعرجة... ستائر حزينة... ملابس ضاق شأنها....
وهي ترسم مدى الحنين لتلك اللحظات
في مشهد الخاتمة يصور مبدعنا المشاهد بإيقاع عال جدا ليوضح مدى الأمل الذي يعيش به
فهو شبه لحظة اللقاء بالانعتاق و الهروب إلى دين جديد
يشبه بها لحظة اللقاء بطريقة نورانية مليئة بالضوء
فتلك اللحظات هي الحياة له
وهو يعتبر نفسه ميتا بدونها وهو يدب على ظهر الحياة

حقيقة نحن أمام نثر ساحر يصنع الجمال و الدهشة في تفاصيل الاشياء الدقيقة و يترك المتلقي في نهم دائم لمعرفة ما سيحصل بعد
ترفع القبعة لكل هذا العطر مبدعنا
بك الشعر أجمل

بقلمي أحمد اسماعيل /سورية
قراءة انطباعية بقلم أحمد اسماعيل لنص مجنون ل ليلة للشاعر المبدع علي جمال Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 04 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.