مشنقة ورديّة ....بقلم هيثم الأمين / تونس




ــــــــــــــــــــ
مازلتِ تبحثين عن رجل لا يشبهني في شيء
و أنا
مازلتُ أبحثُ
عن امرأة تشبهك قليلا؛
امرأة
تصنع من ثرثرتي جوارب لوحدتها الباردة الأطراف،
امرأة تخاتلني
و تدسّ كلّ سكّرها في فنجان حزني
و تضحكْ
كلّما وشوشت لها أصابعي:
كم نهداك حانتان.
امرأة تسرق أقلامي و أوراقي
و هاتفي الذّكي
ثمّ تقول لي:
لا تكتبني في قصيدة
و لا تُحبّني على سرير من خشب الشّعرْ
و تعالْ
أجعلك نقشا عند سرّتي
أو حبة توت بين شفتيّ
و اجعلني كلّ المرايا التي ترسمك جميلا
و سيجارتك المشتهاة
كلّما غضبت كطفل...
امرأة
تكبر داخل صدري كحبة بطيخ حلوة
و تنام على صدري كقطة
و تحدّثني كثيرا
عن أشيائها الصغيرة،
عن أحلامها الصغيرة،
عن حفل الزّفاف الذي لم ترغب أن تذهب إليه دوني،
عن ثقب في جيب بنطالها،
عن القدّاحة التي كانت ستهديني إيّاها
ثمّ تراجعت لأنّها تعرف جيّدا أنّي، بسببها، سأدخّن أكثر
و عنّي...
امرأة لا تحتاج لأن أصرخ في وجهها لتعلم أنّي
أجهضت ثلاث قصائد
أو أنّي محتاج جدّا للبكاء لهذا أمكث طويلا تحت رشّاش الماء في الدّشْ
أو أنّي تركت كلّ ملامحي عند قبر صديقي
و رجعت هاربا من وجه شاهدة قبره الوحيدة.
امرأة
لا تكترث لعدد المرّات التي أقول فيها لها "أحبّك"
و تعلم جيّدا أنّي حين أطفئ كلّ الأضواء
و لا أتابع، كعادتي، الأخبار
و أجلس صامتا، في زاوية الغرفة، كتمثال
لأنّ بها صداعا
فهذا يعني أنّي أحبّها جدّا.
امرأة تشبهك قليلا جدّا؛
امرأة حين ترحل
تكون مشنقة ورديّة
تليق بي ربطة عنق لحضور حفلات الموت المؤجّلة...
مشنقة ورديّة ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 04 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.