خمسة عشر نصا للشاعر اليمني عبدالغني المخلافي
حدث
وأنا المريض بالضغط
والشعر والوطن
ماذا لو أَصَبْتُ بكورونا ؟
وحدها - من ستفقدني
عائلتي
إنْ مِتُّ
فكيف لا
وأنا العائل الوحيد
وسط جائحة المرض
والفقر و الحرب؟
سيمرُ على الأقارب
والأصدقاء - موتي
كحدثٍ عادٍ
وستحضي قصائدي
من بعدي
بالحب والعِرْفان .
-----------------------------
ندب
لا مَلْجَأَ ولا مَنْجَى
في الجوارِ
ينتشر الذعر
الجنائز تتقاطر
يعلو الصراخ
يسود الفقد
وسط قبضة كورونا
المُحكمة
مَنْ سينجو
سيعيش بقيّة
عمره يندب .
--------------------------
شاهد عِيان
تقول زوجتي: أنت مجنون خالص - بلا شك. وحالة عشقك غريبة واستثنائية للكتابة .
عشرات الدمامل منذ أسبوع كامل بضراوة تمخر جسدك . تأكل من لحمك وتشرب من دمك . وأنت تقاوم أمواج آلامك بمجداف الكتابة الوحيد . ترفض جميع الوصفات والنصائح الطبية.
تحت تأثير إرهاقك وسهرك يتهاوى أكثر من مرة هاتفك من قبضة يدك. فتلتقطه باستماتة المحارب الشرس فى ساحة المعركة المحتدمة دون انهزام أو تقهقر.
تواصل كرك وفرك بتجلد، في معمعة تقلصاتك وتقرحات دماملك دون التفاتك لحالتك الصحية المنهكة.
لا تعطي نفسك استراحة لبرهة . تقبض على جهازك الذكي بثبات .تجعل من الكتابة علاجًا مجديًا لأوبئتك وأمراضك. ووسيلتك الناجعة في أحوال حياتك اليسيرة والصعبة.
وكأن بابتعادك عنها - ضمورك وانطفاؤك وموتك المحقق .
وأنا إلى جوارك بتعجب واندهاش وصمت أتابع وسط أنواء توعكك الشديد حالات مخاضك التي تمرُ بها.
وروحك المقاتلة بجموح.
الملتقطة للأخيلة والمنتقية للعبارات والصور والمعاني بتمحيص غير مستسلمة
أو متراجعة إلى آخر طلق ولادتك المكللة بالنص.
-----------------------------------------------------------------------------
بَهجة
كيف بمقدور القلب
أن يَهْنَأُ
وسط واقع مَسْجُور؟ ..
أكتب تحت وطأة
كورونا
وسطوة الحرب ..
أتذكر وأنا أتذوق
مع أسرتي
حَلْوَى العيد ..
مرارة
أعيادي المنقضية
في البعد ..
تعيد الصباحات
الجميلة
إلى حنجرتي - الغناء
وإلى قلبي - الرقص .
---------------------------------
يوميات كورونا
أنتحي بِتَلَهُّفٍ شَديدٍ عند الرابعة عصرًا إلى جذعِ شجَرَةٍ ظليلةٍ على صدرِ جبل قريتي المُعْشِب .مع أغصان قاتي وهاتفي الذكي . أصغي لثرثرة الرعاة و ثُغاء الأغنام ودمدمة الرعود . أرتجي السماء ألا تجبرني على العودة إلى منزلي .
أحْتَضِنُ كتابًا أو أسْتحضرُ قصيدة جديدة
أوأُطِلُّ على الكون من شرفةِ فضاءٍ واسعةٍ.
تمنحني أجنحة فولاذية تحلق بي بعيدًا.
وقيمة ثمينة ليس لها في واقعي أثرًا .
لا تشعرني أبدًا بالوحشة أو الملل .
تنقذ رأسي من دائرة التُّرُّهات والخزعبلات والدجل .
على مدى أربعة أشهر بالتمام
أستدرج من الكلمات و الصور والمعاني ما طاب لي من الجمال والإدهاش
والعمق والمدلول .أستثمر يوميات كورونا في مضاعفة نتاجي الإبداعي إضافة إلى نتاج سنوات غربتي السابق .
تبدو أفكارك غريبة وغير ملائمة. أمام رؤية قاصرة وضيقة لا تتفهم مساعيك الحالمة الخلاقة .
وسط مآسي الحرب والتشرد والمرض والفقر. لا يمكن لأحد أن يمنحك غبطة أو يلهمك فكرة مبدعة .
عليك عدم الاستكانة
وأنتَ مثقل بكيفية العيش دون هدوء
أو استقرار ولو لشهرٍ واحدٍ . سواء كنتَ داخل وطنك أو في غربتك. تبقى ثمة
فجوة عميقة بين واقعك وبينك لا يمكنك ردمها مهما حاولت .
---------------------------------------------------------------------------
إِنْكار
لَسْتِ وحدكِ - نحوي
من يشعر بالرفض
ثمة الكثير حولي ..
ألمح الهمز واللّمز
على الوجوه
تلوكني المجالس
بالنَّمِيمَة ..
لم أعد - الذي
يُستحسن أو يُستساغ
لا لشيء - سوى
ذهابي للكتابة
وجلوسي للموسيقى
وجنوحي للتأمل
وعدم - في السَفاسِف
سفكي للوقت .
----------------------------------
أسئلة
ما هذا البياض المختلط بالسواد
والغث المتداخل في الثمين
وسط ليل المجهول الأعمى
وآلاف الأسئلة اللحوحة؟
كيف لي أن أطلق الغناء
من حنجرة مقطوعة الأوتار
وأنسج من الحرف
نشيدا للأفراح
والصوت تصدمه المخاوف ؟
لماذا كلما حاولت
غرس شتلات الفرح
في القلوب الجرداء
أكلتها حشرات الكراهية؟
هل من فسحة
وردية اللّون..
حريرية الملمس
بعيدا عن الشوك المزروع
عند عتبة كل ابتسامة؟
من يعطي لهذا القلب
مكانا لجناحيه
يتسع للطيران عالياً
دون بنادق صيد
وفخاخ مترصدة
بكل طائر حر ؟
أعليّ أن أداري
التنهدات الحارقة
وأكتم فيض الاحتجاج الجارف
أمام الأنذال اللدودين
وأموت شهيد صمتي
وكبريائي العنيد؟
من مجموعة - "للوجع مكان في عينيه"
-------------------------------------------------------
عدم
على شواطئ الفقدان
سنين ارتحالك ..
ما أنت - من الخذلان - فيه
يثير البكاء
سَقطتْ مباهجك
هذا ركن انزوائك يحكي
هذي حروفك - دليل العدم
كان - قبل اليوم - لك
جيشٌ من المؤنسات :
قبيلة - مدينة
كمنجة - ربابة
مطر - سحابة
انتصاب قامتك
في وجه الريح ..
خمرة الأغنيات ..
فاكهة الشعر ..
غزال في مروج البنفسج
يعدو ..
طائر يشدو - بأحلى نغم .
من الأرشيف
30 / يونيو /2012
-----------------------------
حصيلة
لا شيء غيرَ
جنائز القتلى
ورَحَى كورونا الدائرة
في الأجواءِ
ثمة شيءٌ من البهجةِ ..
أقَلّ حُلكة
الدروب والأزقة
وسط مساحة الماء
والخضرة ..
أجْتنب
أوجاع الوطن النازف
أُعدّ من عشاق
مدينتي الحالمة..
كلما - بعد غياب
احتضنتها
تواردتْ حكايات
وقصص
وانفتحتْ أبواب
و لاَحَ أصدقاء
وصديقات ..
لا أدري - الحياة -
أينَ انتهتْ بهم ؟
------------------------------
جُرْأَة
للأمس- وسط أماكن
الذكريات العبقة
حضورٌ طاغٍ ..
كيفَ - من ذاكرةٍ
مؤثثةٍ بأشيائكِ
بمقدوري التخلص؟ ..
- من أين لكَ -
أمام جرح لا يغفر
جُرْأَة المثول ؟ ..
- كقلبِ أمٍ -
سيغفر عقوقي
وعصياني
قلبكِ الطيب .
-------------------------
قَرابة
كلما دلفتُ
إلى مكتبتي - أجد -
إلى قلبي - "رامبو
وبودلر
ونيرودا، ولوركا
وماركيز، ويوسا"
أقرب
مع الاختلاف في المناخ
والدين والعرق
وكثرة الأصدقاء
والأهل من حولي .
-------------------------------
نبض
يتجددُ النبضُ
معَ غناءِ كلِ عصفورٍ
واهتزازِ شجرة.
لو لمْ تكوني
ماكانَ الربيعُ
والعطرُ المتضوعُ
والجمالُ المختالُ
بينَ الكلمات .
أعانقُ فيكِ كلَ شيءٍ
وأنا أستعيدُ الأمسَ ..
لا قدرةَ ليَ
على المضي .
انتظريني عندَ
نجمةِ بعيدةٍ
سأوافيكِ
هذا المساء .
----------------------
ابتلاء
يالجوعي الأدبي
المفرط
وشرهي الفني
وأنا المُبتَلىْ بالمعنى
المصحوب بشَيَاطِين
الكلمة
وهطول الأخيلة
أمام انتظار الأبناء
وترقب الأصدقاء
وضجر الأهل المتزايد
من عوالم الكتب .
-----------------------------
مجهول
حسب تقديري، في الخامسة عشرة
من عمره .
قطع الشارع نحوي بذعر .
سألني عن الجبل المسكون بأقاربه
المجهولين .
-جديد علي الحي - بتلعثم :
اليوم وصلت مع المهرب
بعد مشاهدة الموت في رحلتي الشاقة أكثر من مرة.
-ما الذي دفع بك إلى المغامرة.
يفترض أن تكون بهذه السن
في مدرستك .
أرخى رأسه المغبر و المجهد
إلى الأرض وعاد يقول :
في مثل سني معظم الأقارب
يعملون هنا .
أشرت إلى الجبل القابع خلف الحي
- ستجدهم هناك . إن سلكت
من هذا الطريق المختصر.
في وجهي - بفرح ابتسم
ثم التفت يمينا ويسارا وانطلق .
2011
--------------------------------------------
احتقان
أدمدم مع الرعد
و السحب الصاخبة
في السماء
آه لو نخوض معاً
جميع الطرقات
في هذه الليلة
أسمعك تحت المطر
كل القصائد
أحكي لك
عن الوحشة الموجعة
و الانتحاب دون صوت
و الهذيان المحتقن
في البعد .
خمسة عشر نصا للشاعر اليمني عبدالغني المخلافي
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
14 يونيو
Rating:
ليست هناك تعليقات: