ثمانية نصوص قصيرة للشاعر المغربي حسن الخندوقي
نُسيتُ...
حتى عاث في رأسي
قَمْلُ النوايا
هذا ما أوحت لي به
لغة الإوز
_________________
الجنون الذي يدفعك للكتابة
هو لحظة نقاهة قصيرة جدا
من أَلَمٍ طويل جدا...
--------------------------------------
- ما عاد التهديد بكسر القلم
مُجْدِياً
للتوقف عن الكتابة
نهائيّاً
المتاح أمامي حَلَّان :
أن أقطع يدي
أو أحطم هذا الهاتف اللعين...
--------------------
في الساعة 00:01
سيكون يوم آخر قد انفلت مني
و سأبدأ بمطاردة يوم آخر
أ هذا هو ما نسميه العمر ؟
كيف أعطل الزُّمْبُرُك ؟
فلا يفر مني الوقت
و لا أطارده
ربما أَنْعَمُ بقيلولةٍ طويلةٍ
في فجوة الزمكانِ
و هل يمكن فصلهما ؟
و إنْ أوتيتُ سرَّ
فيزياء الزمانِ
و كيمياء المكانِ
و أفلحتُ فعلا
في حفر قصيدةٍ لقيلولتي
بينهما
لا وقت لدي لأفرحَ
بالنومِ
أو أَنْعَمَ بالشعرِ
في الأحلامِ
ببساطةٍ، لأنني
مشغول جدا
بدفن جثث أحزاني
فمنذ اهتدتِ القصائد
إلى بَرَاحِ عمري
صار الشاعر فِيَّ
يَرُصُّ بها القبور
يليق بي أن أُصْدِرَ
ديوانَ المقابر
و مَطْلَعُهُ :
تَطاوَلَتْ جِدّاً أحزانِيَ اللعينة...
رغم أن العُشْرَ فقط يشمخ برأسه
و تسعةُ أعشارها دفينة
جبلٌ جليديٌّ يهدد كل السفن العابرة
لِذَا، لا تَعْبُرُ مياهي سفينة
----------------------------'
▪ رِحْلَةُ الظِّلّ
اعْلَمْ أنه لن يصمدَ معكَ
إلا قويٌّ أمينٌ
فامْضِ حيثُ تُؤْمَر
و لا يلتفتْ منكَ نبضٌ
أيها القلبُ
فالذي يحرسُ دَمَكَ
المهدورَ.. أمامكَ
و ما عليكَ مِمَّنْ خَلَّفْتَ وراءكَ :
الماضيَ
و الناسَ
و الأمكنةَ
و الذكريات
فإن وجدتَهُ
وُهِبْتَ الحياة...
قال لي ظِلِّي :
ما زال الوقت مبكراً
على الموت..
اُطْهُ لي أغنيةً
و أَوْقِدْ لي كأساً
و اسْقِنِي مِنْ دَمِها المَعَتَّقِ فيكَ
و لنَنْسَ كل شيء
قالها..
ثم احْتَنَكَهُ ليلٌ
انْسَلَخَ تَوّاً مِنَ الموت
------------------------------
زُورِيني
كل قصيدة مَرَّة
زوريني
كلما رشفتُ من لغتي
رشفة مُرَّة
زوريني
فلعلني أصير في الشعر
ذا مِرَّة
أستوي في حضوركِ
نَيْزَكاً يطوي المسافاتِ
خارج هذا الخرابِ
و من خريف درويشٍ
أقول :
سَلامٌ للتي أحبَّتْني عبثاً
سَلامٌ للتي يضيئني جرحها
و يحملني خارج هذي المجرة
ما لي غير حبكِ العبثي
أعصره في دنان اللغات
و أسكبه في أذنيكِ
مثل الوحي
أو مثل الخرير
كي تتبخرَ كل البحار
من عينيكِ
و تزهرَ في خديكِ
قصائدِيَ المشتهاة
لا رغبة لي في البكاء
هذا المساء
و لا في رشوة الفرحِ
بابتسامةٍ ساخرةٍ
يعلم جيدا أنها مفلسةٌ
و لا حتى في أن أرغب في أي شيء
كانت رغبتِيَ الوحيدةُ
قبل قليلٍ
- و كل أزمنتي قبل قليل -
حين وَخَزَ الرأسَ
أَلَمٌ يشبه وَعِيدَ الجلطة
أن أراكِ
فحين يتهادى الموت
فجأةً
في تجاويف رأسكَ المنسيةِ
من أشعة الماء
و جداول الهواء
و يصيرُ وكرا لخفافيشِ الليل
و نملِ النهار
و مشروعا لقُبَلٍ أخيرةٍ
من المودِّعين
- و أكثرُهم مِمَّنْ يُحَمِّلُكَ مسؤوليةَ الموتِ على هذه الحال -
حينئذٍ
لا يتجلى بين عينيكَ
إلا حبيبٌ واحدٌ
ترغبُ
- متجاوِزاٌ رغبتكَ ألّا ترغبَ في أي شيء -
أن تضمَّهُ ضمةً أخيرةً
كأنكَ تريد أن تجعل من رائحته
حَنُوطاً طيباً
فربما تحمل الملائكةُ روحكَ
دون أن تؤذيَهم روائحُ أحزانكَ المتعفنة
و رغم أنه لا رغبة لي في شيء
هذا المساء
و لا حتى أن ارغب في أي شيء
فقد وُلِدَ هذا النصُّ
قبل قليلٍ
جملةً اعتراضيةً
كأنه ابن سِفاحٍ
بين رجل طَوَّحَتْهُ قنينةُ أحزانٍ رديئةٌ
في حضن امرأة لا مباليةٍ
أحزانُها عَطِنَةٌ مثلُ أحزانِهِ
لم يتبادلا قُبَلاً أو مداعباتٍ
أو كلماتِ الغزل
و كان الوَطْءُ سريعاً
كَسِفَادِ الطيور
و الجنينُ سرعان ما
تدحرج بيننا
باكياً هذا النص...
النص الذي لا عنوان له
و نسيتُ كيف بدأتُهُ
و أجهل كيف أُنْهِيه
لأنني لا رغبة لي في شيء
و لا أن أرغب في أي شيء
سوى أن أُصْغِيَ إلى رأسيَ
الموعودةِ بقُبَلِ الوداعِ
بعد قليل...
-----------------------'---------
《 لقد تعبت 》
للمرة اللا أدري عددها
أكررها... هنا
ففي الواقع
لا أكلم احدا
و لا يكلمني أحد
إلا أمي حضورا
و ابنتي عبر الأثير
و أخجل أن أصارحهما بتعبي
فهما، أكثر مني، مُتْعَبَتان
-------------------------------------
▪ جَدَلِيَّة..
كم أنتِ مدينةٌ لي
بأرصدةٍ ضخمةٍ من المَسَرَّاتِ
أقرضتُكِ إياها
ذاتَ نزوةٍ غيرِ عابرةٍ
أيتها الحياة
أ ما آن أوانُ التسديد ؟
و كم أنا مدينٌ لكَ
بأرصدةٍ ضخمةٍ من الحياةِ
أقرضتَني إياها
ذاتَ صَرِيرِ قلمٍ في اللوح المحفوظ
أيها الموت
أقبِلْ . أ لا تريد التسديد ؟
------------------------------------
ثمانية نصوص قصيرة للشاعر المغربي حسن الخندوقي
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
11 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: