أشعِلْ موتَكَ بأعقابِ حزنك وإنطفِئْ بقلم ميرفت أبو حمزة /لبنان
أشعِلْ موتَكَ بأعقابِ حزنك
......... وإنطفِئْ
________________________
مَنْ يأخذُ عني كلَّ هذا الهواءِ الثقيل
ويعطيني زوبعةً ..
لقد استهلكتُهُ كلَّهُ وما زلتُ في نفسِ المكانِ
هذا المكانُ الذي يتعرّجُ ويضيقُ ..يتعرجُ ويضيقُ
من يشتري الهيدروجينَ مني
ويعطيني قليلاً من الهواءِ لأتنفس ..
بكلمةٍ ؟ .. ..لا أحد
بجملة ؟ .. لا احد
بومضة ؟ .. لا احد
بقصيدةٍ ؟ ..... لااا أحد ..لا أحد !
بعضُ القصائدِ التي كتبتُها
أخذتْ حصتَها من رئتيَّ وتركتْ فيهما جرعة من الكابتيغون وقنبلةً بعدّادِ صغيرٍ ..تك..تك
إذن ، قد يجدي المخدِّرُ
وقد تُفلح القنبلةُ في إنهاء هذه المهزلةِ
مع هذه الأَرْض الممسوسة بلعنة الخدر والحرب ..
وأيضاً بعض قصائدي الصغيرةُ .. تحولت إلى قطيعِ أسماكٍ ..
يسبح في بحرِ عيني .. بوداعةِ التماسيح ...بجنونِ نوباتِ البكاء .. بشراهةِ المشاهدِ التي تأكلُ أفئدتَنا بالشوكةِ والسكينِ ..
ثم يُقذَفُ بي إلى ميناءِ لغةٍ منكوبةٍ كعلبةِ سردينٍ فارغة .. ويصرخون ..تحرَّرْنا ..تحررنا
أعرفُ أن بضاعتي قد تكون كاسدة
في سوقِ المتسكعينَ والدجالينَ والنخاسين والطبالين ..
لكنني أحاولُ مثلَ قططِ الشوارعِ الأليفةِ جداً والجائعةِ جداً ..
أن أبدلَ لغةَ المواءِ بالثغاء ..
بما أنني لا أبرحُ القطيعَ أبداً
وأن هذه المنابرَ بصوفها الأبيضِ الممتلئ بالحشراتِ والدمامل
تخشى من ذئبِ كلماتي وأنيابِهِ الحادةِ ..
ليكن ..
ما زال هناكَ ما لم يُحرَقْ بعدُ ..
- غابةٌ تنتظرُ أن أقايضَها أنفاسي بالهواءِ الطلق ..
حيث العشبُ والنفلُ والجرجيرُ وحريةُ الرعيِ المطلقِ ... المطلق
هناك لا حاجةَ لي بالرغيف ..
وما من داعٍ لأُدليَ رأيي بطعمِهِ المالحِ
أو بأعقابِ السجائرِ فيه..
وآهٍ يا نهرُ ...
يا النهرُ الذي رسمتُه يوماً على عطشي
يا النهرُ الذي وُلِدَ على يديَّ من رحمِ صحراءٍ عذراءَ ..
- تعرفُ تماماً أن ضفافَكَ كانت نحيلةً كشفتَيْ عاشقٍ ينهار من فكرةِ التقبيلِ ..
يضحكُ ويقهقه وفي عينيهِ بكاءٌ سماوي ..
وغالباً ما يسقطُ في الزاويةِ الخطأِ من عدسةِ التأويل ..
كي تلتقطَني مبللةً بدموعِهِ الزرقاءِ ..
فتكونَ له حجةً في أن ينداحَ في كلِّ الاتجاهاتِ دون أن يأخذَ عني العطشَ الطويل ..
ما الذي شعَّبَ مجرى الحديثِ !
وأين كنا ..؟ !
لا أعرفُ .. !
فَلْنَقُلْ ما عاد ينفعُ أن أعرفَ ..
والهواءُ ..أين الهواءُ ؟ !
ربما نفقَ بلا ثمنٍ ..
وربما دخنتْهُ القصائدُ واحترقَتْ ..
طيب ... لا يهم
تعالَ إذاً .. نذهبُ إلى الجانبِ الآخرِ من العالم ..
ثمةَ ما يستجلبُ فضولَ أنفسِنا في اكتشافِ طعمٍ آخَرَ للهواء .. لل
ماذا ..؟ لل وكفى
ثمةَ أخرونَ يبحثون عن الهواءِ الفاسدِ في رئتينا .. عن الهواءِ ..عن ال
ماذا .. ؟
ال و كفى
لماذا ؟
كي نصبحُ شبهةً فاسدةً ..وكفى
آه ، أيتها القصائدُ الواقفةُ
في حلقي كرصاصةٍ ..
بل كسكينٍ ..
كوني أكثرَ رحمةً من هذا الهواءِ
وجُزِّيْ عقدةَ الصمتِ بهدوءٍ بهدوء بهدوء ..
واحذري .. أن يُراقَ دمُ الكلامِ في فمي ..
واعلمي أن هذه البلادَ التي نَحتتْ اسمَها في صدورِنا بإزميلِ الآه
لم تكن تقصدُ ان تجعلَ منا تماثيلَ للحريةِ ..
لم تكن تقصدُ إيلامَنا أو خنقَنا
- لقد تألمنا لأن اسمَها عربيٌّ والعالمُ يكره العربيةَ
واختنقنا لأن اسمَها كان يتورمُ في صدورِنا ونحن نصغُرُ
يكبرُ ونصغُر
نصغر
نصغر .
________________
ميرفت أبو حمزة
من ديوان " ليتني "
اللوحة للفنان عزيز بومهدي
ليست هناك تعليقات: