قولوا له ! ../ بثينة هرماسي /تونس
قولوا له ! ..
************
في حياة أخرى
كنت عصفورة
وكنت أتركه يأتي كما يأتي ..
ليدلفني ..
كنت محايدة معه
لا أرحّب به
و لا أصعّر له خدّي ..
و كنت أعطيه جناحي عن طواعية ..
دون أن أدقّق النّظر إليه ،،
فيأخذني لحلبة الرّقص
و كنت أتركه يلفّني بذرعان خطابيط
كما يروق له ،،
ويلتفّ حولي
كنسج عناكب
ولا أتدخّل في شؤون الرّقصة التي يختارها البتّة
لم يكن مهمّا عندي
إن أقبل عليّ ببدلة أنيقة
متعطّرا
منتشيا ..
و حذاء لامع و قبّعة
ليراقصني
الجافا أو رقصة بحيرة البجع
ثم جزّ جناحي بعد القفلة الاخيرة ،،
أو أقبل عاريا محسور الرأس حافي القدم لأرافقه في رقصة مجنونة للهنود الحمر ..
ثم نتف ريشي تحت المطر
وزيّن به ضفائره قبل أن يغادر
أنا لا شأن لي بكلّ ذلك ..
و لا أمانع ..
أو أحتجّ
أو أعص له أمرا ..
هو حرّ تماما إن أخذني لحلبة
الرّقص
أو القتل
إن أخذني هنا ..
أو هناك ،،
متأنّيا
أو مسرع الخطو ..
أنا طوع بنانه إن أخذني قربانا لآلهة الخير أو الشرّ ..
فقط قولوا له !
انّي سئمت من الموت ببطئ ..
خنقا بستار الرّكح ملفوفا حول
رقبتي
قولوا له انّي سئمت الموت كلّ الوقت
في آخر لوحة
من كلّ الرّقصة معه ،،
و الكلّ ينظر ويشرئب عنقه إلى جثّتي الملقاة على الأرض
قولوا له ..!
إن يدعني أموت بسرعة البرق
في آخر قفلة من اللّحن بشهقة تطفئني
خلف الستار ..
لأبعث في حياة أخرى
شاعرة فوق الغيم بجناحين وقلب من ريش ..
قولوا له ..
الحزن !!!
أنّ" العصافير تختفي لتموت "
لتنبت القصائد على كفّ القلوب بأجنحة
و يبسم الرّكح
و ينبت زغب من الفرح على الارض ..
بثينة هرماسي
ليست هناك تعليقات: