الحافلة ....أحمد عثمان / سوريا

 الحافلة 


ولدٌ يحدقُ من وراءِ زجاجِ حافلةٍ


وأشجارُ تهرولُ في طقوس الريف 


 فاردة ذراعيها 


و بردُ 


يترهبنُ الزيتونُ بين تخومها  


وترتلُ الأغصانُ من أحزانها


(( سِفر الرجوع ))


كأنّ للأغصان وِردُ 


ما من عروس جهزت للعرس الا خضبت يدها ببعض ترابها


ما من نبي سار صوب الله الا واستخار بغارها


هي كل أم امسكت بحصيرة في الليل 


فارشة وسائدنا 


وما زالت تمدُّ


هي جدةٌ


 جلست على العتبات


 ترنو صوب باب البيتٖ  


محصيةً   سنينٰ غيابنا 


وعلى أصابعها تعدُّ


هي جمرة العمر التي احترقت على مهلٍ


سرابٌ آهلٌ بتبعثر الأطيافٖ


قيعانٌ مهيئةٌ لرصد تعانقٖ الأرواحٖ 


ليس لها  بقاموسٖ الوجود مرادفٌ أبداً 


وليس لها بكلّٖ الكونٖ ندُّ 


تيناتها  السمراءُ خالاتٌ ننام بحجرهنّ 


وسروها الآباءُ منتظرينٰ عودة بعضنا 


 والجسر  جدُّ 


ما زلت ألمح 


نسوةً يحملن أكياسا من السماقٖ


 والتينٖ المُجفّفٖ 


منظر البسطاتٖ بالبازار كُلَّ (اثنين )


 طفلٌ يشتري كيسين من ((غزل البنات))


 ويشتري الحلوى 


ويعدو 

 


ما زلتُ ألمحُ 


 ما تبقى من مكان صعود (سمعان العمودي)


المزارُ مدنساً 


يسطو الجرادُ على حجارته 


الرصاصاتُ التي انطلقت لتثقب غيلةً 


 صدر (النبي هوري )


ومئذنةٌ


 يدنسها 


بكل صفاقة


 نذلٌ 


ووغدُ 


ما زلتُ ألمحُ 


كلّ من وفدوا على أعتابها 


شيباً وشبّاناً 


وما بخُلت على أحدٍ 


وما كانت تصدُّ 


يا موكب الماضين عن بلداتٖ عفرين 


الحزينة 


 يا مناحات من  الكبريت 


 تذرفها مقاصف قريتي ( الحمام )


لي في كل شبرٍ من جراحك غصةٌ 


لي نظرة من وجه أمّ ودعتني باكراً 


لي تنكةُ الشتلات تنتطرني لأسقيها 


ولي في كل زاوية


 من الأرجاء وردُ 


 أحتاجُ عمراً آخراً 


حتى أودّع كلّٰ شيءٍ فيكٖ 


أو حتّى أُسلّم مرةً أُخرى على 


أشجاركٖ الثّكلى 


فما للحزن  حدُّ 


ما من عصافيرٍ تُغادر عشّها وتعودُ 


إلا انتابني وجلٌ  


يحرّكُ داخلي بركٰ الهواجسٖ 


كي أرى صورٰ الذين تنازعوا قلبي 


فيكسرُني الحنينُ 


ويستبدُّ 


 وحدي


 على العتبات


 أطرقُ باكياً 

باباً

فباباً  


غيرٰ أنّي لا أرى أحداً 


ولا


 أحدٌ


 يردُّ


الحافلة ....أحمد عثمان / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 07 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.