نصوص بقلم ....محمد الحريري/ سوريا
ترتدينٓ الأشياء حتّى تشعُر بالأُلفة،
كٓم حُزناً ضيّق على ذائِقتكِ حوّلتيهِ إلى ملابس صيفيّة،
أنتِ تعرفينٓ أنّه ليسٓ صوفاً، لذلك هو لم ينكمِش بفعل المطر،
حتّى لو كانت الشّمسُ تضرِبه،
سيظلُّ الحُزن حُزناً،
تبسُطينٓ كفّيكِ، وكأنّٓ الأحلامٓ توضعُ في اليد،
هكذا، ستظلّين إمرأةً خاسِرة،
يتسرّبُ كُلُّ شيءٍ مِن بين يديها،
بالنّسبة لي،
أضعُ كُلّٓ أحلامي في وجهكِ،
هكذا أضمنُ أنّها لن تضيع،
تصنعينٓ مِن ضحكاتكِ طائرة ورقيّة،
وفي سماءِ حُزنكِ تُطلقينها،
أخبرتُكِ،
أجواءُ الحُزن ماطِرة،
مِن الأفضل أن تصنعي مِنها سُفناً تقيكِ مِن طوفانِ الحُزن، فضلاً عن أن يبتلعُها الغيم،
تمسحينٓ الماءٓ عنِ النوافِذ،
والرّطوبة على الجُدران،
ومٓن يستطيعُ أن يمسحٓ عينيكِ إذ أمطرت،
وأن يحمِل مِظلّة تمنعُ وجهكِ أن يتبلّل،
فُكاهةُ الأشياء في صِدقها،
وجدّيتُها في إطراء الحقيقةِ فيها،
كُلُّ الحقائِق هُنا كاذِبة،
لذلك، وعلى سبيل الدُعابة،
عيناكِ تُمطر،
وقلبي مُبلّل،
يشعُر بالبرد.
---------------
اجبرنا،
مِن كلِّ الكُسور الّتي لا تظهرُ على أجسادِنا،
مِن كُلِّ وجعٍ نادينا فيه يارب،
اجبُرنا،
كلّٓ شيءٍ حولنا يحمِلُ عصا،
وخاطِرُنا هش يا الله.
رسائِلُ الدُنيا نفِذٓ حِبرُها،
رسالة إلى الله، لا تنفذ.
-------------------------
سأعاودُ صنعٓ الصباح الّذي لا تحضُرين فيه،
سأُخرِجُ وجهكِ مِن عيني،
أُعلّقُه على الرّف،
وأتناولُ ضِحكاتكِ مِن الذّاكِرة،
أُمسكُ صوتكِ، أٓسرِقُ وصفةٓ إعداد الشّمس من ملامحكِ،
أُضيفُ مِقداراً عالياً مِن ضحكاتكِ حتّى يكونُ النّور قويّاً،
أُحرّكُ بصوتكِ كُلّٓ شيءٍ بارد مِن الإنتظار، حتّى يعودُ الدّفئ تدريجياً إليه،
سأُعيدُ دبلجةٓ اللّحظات الّتي كُنتِ سعيدةً بِها، حتّى تأخُذ صوتٓ العصافير،
مِن صمتكِ المُلوّن، سأُدرِجُ سماءً زرقاء،
ومِن حُزني الكبير، سأرسُم بعضٓ الدُجى،
سأنجحُ في صُنع الصّباح وأنا أملِكُ كُلّٓ لوازِمه،
لكنّٓ الخير لا أملِكُ مِن أمرِه شيئاً، غير أن أقول لكِ،
تعالي.
-----------------
تبحثينٓ عن الحُبِّ خلف الستار،
وتحتٓ الطّاولة، وكأنّكِ تُفتّشين عن وحشٍ هارب،
أنتِ تعرفين،
الحُبُّ عادةً ما يكون على الطّاولة، مع كُلِّ الأشياء الّتي قد لا نراها،
مثل دموعِنا، بصماتُ إيدينا، والصّمت المُتساقط مِن الحديث،
تخافينٓ الرّقص، لِأنّٓ دموعكِ الّتي تُبلّل الأرضيّة تجعلُها تتزحلّق،
وهذا يُفسّر خطواتكِ المُرتجفة دوماً،
لكن لا عليكِ،
هاكِ عُمري، قطّعيه، يوماً يوماً،
وأصنعي مِنه مناشِف لدموعكِ،
لِأُعلّمكِ شيئاً لا تعرفينهُ عن الحرب،
إن الخاسِرُ الوحيد الّذي يبقى في النّهاية،
هو الّذي لم تمسّٓهُ يدُ الموت، ولا عينُ الحظ،
الخاسِرُ الآخير هو الّذي يتحوّل إلى فصلٍ حٓزين،
يتتابعُ أولاهُم ليقطِف ثماره،
ويقولُ أُخراهُم بِئسٓ ما وجدوا حياةً،
الحربُ ليست خُدعة، إنّها كِذبةٌ بيضاء،
الخاسرين فيها ملائِكة،
والفائِزون أخوانُ الشياطين،
لن يدخُل إسمُكِ موسوعةُ غينس لأنّكِ صاحِبةُ أطولُ آملٍ في هذا العالم،
بل سيصِفُكِ الجميعُ بالجنون،
الشّيء الطبيعي الّذي يقسِمُ ظهر الجميع هُنا، هو اليأس،
صدّقيني، كان لديّٓ الكثير من الأيّام الجيّدة الّتي وددتُ أن أُهديكِ إياها، بعضُها مُلوّن ونادِر،
لكن كما لو أنّني خرجتُ بها إلى العالم، ولعِبتُ الدّحاحِل بِها، وعُدتُ خاسراً،
تِلكٓ الحُفرة خدّاعة يا حلوتي، ورهانُ الحياة البقاءُ للأقوى،
الأقوى في تحمّل الخسارة،
عزيزتي،
في النّهاية، علينا أن نتقيّأ كُلُّ الأشياء القديمة،
وأن نلقّن أنفُسنا إلى آملٍ جديد، وحزنٍ أكبر،
وحُبٍ أقلُ صِدقاً، وأكثرُ مكراً.
------------------
تصنعينٓ مِنّي أملاً، وتلتقطينٓ صوراً كثيرة لنا،
ثمّٓ تحكُمينٓ علينا بالأبديّة داخل الإطارات الخشبيّة،
وعلى كُلِّ الجُدران الرّطبة باليأس تُعلّقينها،
أنتِ تعرفينٓ أنّٓ مثاليّة الأشياء لا تكمُن في سجنِها، وأنُّ مع الأيّام ستحتاجينٓ أن تُخرجي نفسكِ مِن تلكٓ الصّور،
الرّطوبة مُعدية، وسيتعفّن الأمل بالنّهاية،
ستفهمينٓ أنّٓ الأبواب لن تمنع السّرِقة، والنّوافِذُ المُغلقة لا تمنعُ دخول الهواء،
والحُبُّ لا يمنعُ الخوف،
تقولينٓ تعِبت يداي مِن التلويح،
والوداعات الكثيفة الّتي تقِفُ على عتبةِ الباب،
أنا أفهمُ طقوس الوداعِ جيّداً،
إنّها مُرهِقة، وحقيقيّة بشراهة،
لكنّها تبقى إيماءةُ وجهٍ خالِدة،
ومُحاولةٍ فاشلة لإمساكِ ثانِ أُكسيد الوهم،
علينا أحياناً أن نتجاوز الجُزء السّيء مِنها، وأن نكفّٓ عن التّلويح،
ستضعينٓ وجهكِ في مظروف،
وتُسافرين بِه عبرٓ الزّمن،
ستعبُرين مُدناً، وأراضٍ كثيرة،
وسأظلُّ أنا ساعِ البريد الّذي يحملُكِ لِنفسه
-------------------------
ستحدُثُ الأشياء الجيّدة لأن عليها أن تحدُث، وكذلك السّيئة،
لا علاقة لِلأمر بعمليّة التركيب الضوئي، ولا بإحداث الضجّة أثناء الصراخ،
ولا حتّى بكونكِ فاشِلة بالطّبخ،
بعضُ الأمور تحدُث لأن عليها أن تحدُث،
وأنا أكرهُ هذا كثيراً، لربّما لا يتسنّى لي العبثُ برسائِل البريد، وأن أضعٓ وجهة كُلّٓ الرسائل إليكِ، بشتائِمها، بشوقِها، بعتابِها، بِكُلِّ الإختلافات التي يُمكِن لصندوق بريد أن يحمله، لا أستطيع لأن هذا ليس عليه أن يحدُث،
وستحدُث أشياءً سيّئة عليها أن تحدُث، ستذهبين مِراراً، وستُشرقُ الشّمس حتّى في غيابكِ، وسيتسنّى لي تدخينُ الكثير من السّجائِر، وتعلّمُ شتائِم جديدة،
ستحدُثُ هذه الأشياء لأنّٓ عليها ان تحدُث، ولأنّكِ أخترتِ ذلك.
مُحمّد
"ابنُ الهٓيثم"
ليست هناك تعليقات: