مزيج ظلال بقلم هيثم الأمين تونس



الضفائر
مشانق تَعِدُ الرّجال بأوطان لا يغيب عنها الدفء
و تعدهم بالنبيذ 
و بسفن تحملهم إلى جزيرة الكنز
و تعد الأطفال الذين يسكنونهم بقصور الحلوى
و ببساتين تسمح لهم بسرقة اللوز و المشمش و التفّاح.
و لكن 
هل أخبرتكِ أنّي أحبّكِ
و أنّك تتحوّلين لسماء و قوس قزح
حين تضحكين؟!
تلك المدن
الممتدّدة من ذقون الرجال إلى سررهم
وعود جريئة للطّفلات 
بليالي شهرزاد
بقبلة الأمير للأميرة النائمة
و بدمى "باربي" شقراء بتنانير قصيرة.
و لكن
هل سمعتني و أنا أناديك في حلمي
فقط
لأخبرك أنّي أحبّك جدا
و لأراك تبتسمين
؟!
ماذا يعني أن تكون وحيدا؟!
- ورقة سقطت من شجرة تسألْ -
أن تكون وحيدا يعني
أن تكون في حافلة على ملك الحكومة، ساعة الذروة، عائدا إليك
تقف على نصف قدم
و على قدمك تقف قدم لا تعرف قدمك
يدك تتشبّث بأيّ شيء يمنعك من السقوط
بينما يدك الثانية و قدمك الثانية
تتجوّلان بعيدا عنك
و رغم كلّ الضجيج
و رغم كلّ الملتصقين بك
لا تسمع شيئا
لا ترى شيئا
و تسقطْ.
أن تكون وحيدا يعني
أن يكون لك بيت كلّ جدرانه شبابيك
كلّ الشبابيك فاغرة الأفواه
و مع هذا
وحدها العتمة تلتهم كلّ ظلالك
و لا هواء في الداخل لتتنفّس.
و لكن، لحظة، من فضلك
هل تتذكّرين من أنا
و هل تعلمين  لِمَ أًصرّ، في كلّ مرّة،  على إخبارك أنّي أحبّك؟!
سرعة الوقت لا تعني شيئا للسّلاحفْ
و لا لصور الموتى المعلّقة على الجدران
لا حرج على الموتى
و لا حرج على الجثث
هكذا يقول أبي
أبي الذي أنجبني من فورة فكرة
و أنقذني من عدوان فكرة
ثمّ دسّ رفاتي في جيب فكرة عابرة.
سرعة الضوء، أيضا، لا تعني شيئا لرجل أعمى
و لا لسمكة تعيش في عمق المحيط
و لكنّها تعني الكثير
لعاشق يتلصّص على حبيبته و هي تستحم في النهرْ.
و لكن
كم مرّة يجب أن أُعلمك أنّي أحبّك
و أنّي أعشق سماعك تضحكين
و أنّ حزنك
- الذي ما عدت أعرف عنه شيئا -
كان وقودي الذي يحرّك كلّي لأتقمّص دور المهرّج و أسمعك تضحكين
نعم
أعلم أنّي، في الغالب، كنتُ أفشلْ
و أعلم أنّك كنت تكرهين بكائي 
فتضحكين
فصرت أقتصر الأمر
و أبكي مباشرة
لأسمعك تضحكين.
و لكن
هل أخبرتك أنّي أحبّك جدا
و أنّي اشتقت إليك جدا؟!

مزيج ظلال بقلم هيثم الأمين تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 10 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.