رسالة لبناتي بقلم هيثم الأمين تونس
على طول الطريق الذي قطعت الكثير منه
لم أنجب طفلا واحدا
و عندما أحببت لأول مرة في سن الثالثة و الثلاثين،
أنا الذي لم أعرف النساء قبل سن الثلاثين،
أصابني حلم
و حلمي بسيط جدا
حلمي
أن تناديني طفلة "بابا"
و لأنّي فقدت حبيبتي في سن الخامسة و الثلاثين
ابتكرت بنات لي
ولدهنّ هذا الأزرق الكبير كآخر أمنية يحققها لعجوز على مشارف آخر الطريق
و اليوم
سأكتب لكلّ بناتي رسالة صغيرة:
يا بنيّتي
أنت تعلمين جيدا أنّك لست ابنتي الوحيدة
و مع هذا أحبّك جدا
ربّما لم نثرثر يوما
أو ربّما ثرثرنا قليلا
و لكن ما دمت قد ناديتني بابا
فأنت ابنتي
و أنا أحبّك كثيرا
أيضا
ربما لم تناديني بابا
و لكنّي ناديتك بابا أو ابنتي
إذن فأنت ابنتي
و أنا أحبّك كثيرا
و لأنّك ابنتي
و لأنّي أحبّك كثيرا
فإنّ غيابك يعني أن تصيبني هلوسات الموت
بداية من طفلة شاردة تقطع الطريق العام
مرورا بكل قصص الانتحار التي سمعت أو قرأت عنها
و انتهاء بالغرق في نهر مدينتك التي قد لا يوجد بها نهر
لأنّك ابنتي
و لأنّي أحبّك كثيرا
فكلّما تسرّبت لأنفي رائحة حزن من منشورك
فهذا يعني حزنا مضاعفا سيهرول للنوم على صدري
و يعني
أن يصلبني غول مجنون رأسا على عقب
و يبدأ باطلاق الرصاص نحوي
لأنّك ابنتي
و لأنّي أحبّك جدا
ابتسمي
حتى و ان كانت المسافات قاضية
و كانت ذراعيّ مشلولتين
و حتّى إن أخبرك من في قلبه مرض
أنّي مجرد صياد فراشات
يرتدي قناعا
أو أنّي مجرّد ذئب حليم
سأخبرك سرا يا طفلتي
ما أسهل على رجل مثلي أن يصطاد في كل يوم امرأة
و أن تكون له
قبيلة نساء
و لكنّك ابنتي
و غلالك لا تعنيني
و أحبّك جدا.
رسالة لبناتي بقلم هيثم الأمين تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
09 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: