خلف وجهي بقلم هيثم الأمين تونس




كلّ أولئك المغامرين
تركوا ملامحهم معلّقة على حبال عمري الأربعين
ثمّ غاصوا في أعماق الأرض
فالموتى لا يحتاجون صورا شمسيّة
من أجل جوازات السفر و تأشيرات العبور إلى الموتْ
هُم، فقط، يتركون ملامحهم
لإغواء جوعنا بقدّيد الذكرياتْ.
خلف وجهي
يلهث كلبٌ بذيل مبتور
عند قدم فزّاعة تحاول تذكّر ملامح حقل القمح الأوّل
و تقرع أجراس الغواية لجلب العصافير الحديثة العهد بقصص الفزّاعّاتْ
بينما الحقل يواصل تجنيد القطط و يمنحها حقّ القتل دون الرّجوع إليه!
يواصل الكلب، خلف وجهي، لهاثه
و ينبحْ
كلّما ضاجعت، على سرير حلم، امرأة ترتدي ملامحي و فستان نوم حيك من مضادّات الإكتئاب!
و أنا
كلّ نسائي كنّ حلما
يأتين على عجل
فأضمّهنّ كما يضمّ عازفٌ "بيانولا"
و لأنّ أصابعي قصيرة جدا
فأنا لا أعزف إلّا نشازا فيرحلن ساخطاتْ!
فيضحك الكلب اللاهث خلف وجهي
 و يلتهمني قدّيد الذكريات.
ليس مهما
مادامت المساءات ستغفر لي كلّ نصوصي التي لا معنى لها
فالمساءات تعلم جيّدا
أنّ أصابعي، القصيرة جدا، مصابة بالحمى
و أنّ الرّقن، على لوحة المفاتيح، يكلّفني الكثير من السّعالْ
ليس مهما
فالفزاعة خرساء و ستغفر لي كلّ نصوصي التي لا معنى لها
و الكلب اللاهث خلف وجهي
يعلم جيّدا أنّ منسوب الصّقيع مرتفع جدا في أعضائي
و لا بدّ من نصوص محترقة لتدفئتي.
كانوا هنا،
أيضا،
المحاربون الذين زفّوا قطرات المطر العذراوات لجحيم الأرض
كانوا يغنّون أهازيج السماء
و يمتطون خيول الرّيح الجامحة
كانوا هنا
يجلسون خلف وجهي
يحتسون بقايا فرحي
و يبشّرونني بأنّي سأكون نبيّا للحزن!
و لكنّني لستُ حزينا لأكون!
أكرر على مسامعهم:
أنا لست حزينا لأكون!
فينبُتُ المغامرون من عمق الأرض
و يستغفرون لي خطيئة الفرح
يشدّون حبال عمري الأربعين
و يصيحون: هيلا هب، هيلا هب
فتتحوّل ملامحهم أشرعة
و أصير سفينة تُبحرُ في الحزنْ!
رجاء
لا تخبروا فزاعة الحقل
أنّي
صرتُ
...
...
...
نبيّا!
خلف وجهي بقلم هيثم الأمين تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 26 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.