امرأة بمزاج ضيّق بقلم حواء فاعور سوريا
أنا لست كبيرة
ولست صغيرة أيضا ..
وليس لدي أي قواعد او خطوات اتبعها لأنقذ هذا الكم الغارق مني ..
ما أشعره به حقا ..
ان الهالة التي حولي هي الحقيقة الوحيدة
لامراة بلا جسد ..
وأن كل الراحلين بما امتلكوه من قسوة الغياب ..محتشدون في هذه الدائرة الهلامية ..
وأكرههم ملء الفقد الذي خلفوه في روحي ..
انا صاحبة الخسارات الواسعة في عمري الضيق ..
في كل تكة ثانية خسرت وأخسر مجددا ..
وازداد غيظا ..
من الجسد الشاب
والروح الهرمة
والوجه الأبيض
والقلب المتفحم
والعيون العسلية
والنار البرتقالية خلفها
والمرآة اذ احتال لأجعلها تكذب ..
والعمر الذي مضى وكأني ما كنت فيه الا الآثمة الوحيدة
والنفس التي اعجز عن الغفران لها
والذات التائهة في لجج الواقع الرمادي ..
والموت الذي لا يأتي قبل الحريق ..
والله الذي ترك سؤال الوجود مفتوحا ..
والمنديل في يد الطفلة الواقفة عند اشارة المرور ..
وعدم اهتمامها بالألوان
الاخضر والأحمر والبرتقالي لون واحد ..
يشبه لون كسرة خبز ..
وبطن المرأة المنفوخ ككرة اهم من الكرة الأرضية واثقل منها ..
والرجل الذي لا يكون رجلا الا تحت حزام بنطاله ونزولا ..
والمال الذي يعني كل شيء ولا نعترف بذلك ..
والحب الحقيقي ، وهم نصدقه اذ لا وجود له ..
والخذلان الذي اعتدناه بدءا من خذلاننا لنا الى آخر سافل يشبهنا قام بنفس الفعل ..
والاصدقاء الذين انهمروا على جنبات السنين لأني سيئة المزاج ولا أطاق ..
وقلبي المتشح بالسواد باكرا قبل ان تنضح حبة كرز
وكانون البارد ورائحة الحرائق المرتفعة في اذني كمظاهرة.
والوليد وعينيه المغمضتين احتجاجا على بشاعة المشهد..
والقمح الذي منحني لونه ولم يمنح طعمه لاطفال اليمن ..
ولون التراب الاحمر الذي احتضن جسد امي ، فحبة المسكن لألمها الشديد لونها ازرق ..
وأمي نفسها التي رحلت دون ان تمسك يدي وهي تعرف أني وحيدة مذ كنت مضغة في رحمها ..
وان صدرها كان قبري والوحيد القادر على كسر قفل صدري السجان ..
وانت ..
انت الذي عشقتك
كما لم تفعل امراة ابدا مذ انفجر الكون اول مرة ..
وصمتك ..
وصمتي .
والدهشة في شهيق الاموات وزفيرهم ..
وتفاصيلك التي لن تغيب عني ما احببتك ..
ماحييت ..
وانا التي سأهمل كل ماسبق ..
واغني تزامنا مع انتهاء هذه الكوميديا السوداء
امرأة بمزاج ضيّق بقلم حواء فاعور سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
11 مايو
Rating:
ليست هناك تعليقات: