الهواء صديقي القديم بقلم عامر الطيب العراق


الهواء صديقي القديم
مثلي لا يدرك شكله
ولا يقرأ شيئاً عن النسيان،
مثلي يخرج من بين شقوق الأعمدة
كالضوء
و يضرب الأبواب دون أن يقصد أحداً ،
مثلي يحاول أن يرفع ثوب
امرأة
مثلي يتفحّص
و ينبش
و يحب صامتاً بإختناقه
أو صارخاً على طريقة ذئب يعوي!
...
يزعم الماء أنه يستوعب نجوماً أكبر من الأرض
و أن أصغر حجرة في الأرض
تمنعه من أن يفعل ذلك !
..
حبكِ الآن مثل بكاء طفل بعيد
يختلط بالكثير من الطرق
و الأشياء و أبشع حكاياتي
لكنني أصنت طويلاً
ليمر البكاء عادياً
مثل بكاء طفل أقرب !
...
سأشتري لك الأرض و أستخدم لك البلاد
كلها
البلاد المتوحشة من أجل أن تنامي
و البلاد الغريبة من أجل أن تكملي نومكِ فقط !
...
كأني نسيتك الآن و نهبت وقتاً لأكتب لامرأة أخرى
امرأة لديها أشياء قليلة
مما لديك
لكنها تساعدني على أن ابتكر اسماً
للوردة التي يتبدّلُ لونها !
...
اذهبي معي إلى غرفتي العالية
هناك نشرب قليلاً من الماتّي
و ننام لكننا لا ننام
تماماً
لعلنا نحلمُ
بأن تجلسي على الكرسي الوحيد
في غرفتي العالية
و ننام معاً !
...
الموسيقى عالية
و أصابع المرأة عالية
و كلّ شيء في أرض هذه الأيام عالٍ
كأننا اخترعنا المزيد من الفنون
لننسى شيئاً!
...
لا يعلق في الذهن حديث المرأة عن الوطن
مثلما يعلق شيء منها
يطفو ثديها على الماء
كقدم نبيٍ
لكنّ الوطن مثل أيّ مسمار
يحاول أنْ يعبر الماء لكيلا يشغل حيزاً !
...
لا أسمع الأخبار لكي أحبكِ بشكل أقل
مما لو سمعتُ أخباراً كثيرة
عن الحروب و كتبتُ لك شيئا
عن شهوتي ..
لا أسمع الأخبار لأعتبرك طفلةً
ولا أتحدث معك عن الجوع و الضباب
و البيوت التي خربتها الصواريخ..
لا أريد أن تصير يدك نحيلة
أو يصير وجهك مشوشاً
كأننا عشنا طويلاً لا نسمع الأخبار!
...
الشمس البطيئة تنزل
على البيوت
وهناك في الجهة البعيدة
حيث لا بيوت ولا نهارات
ينغمس حبيبان بوحدتهما
كما يلتصق طيران ميتان في الصورة ..
الشمس الحزينة
مثل دم الناس هنا وفي أماكن صغيرة
مثلما نتمنى الآن
أن يصير للارض اِحساس ثقب إبرة
علّها تغرق بقطرة واحدة من الدم !
...
أنت لست معي الآن و لن تكون معي غداً
فقد تحدث الحرب غداً بشكل همجي
و تموت الآن!
...
أقول للأغنيات ما قلته للأغنيات سابقاً
أقول للفجر و لعيني العاشقين المريضين
ما سأقوله على الدوام
لو أنّ ملابسنا الخفيفة
تنقذنا من الموت !
...
ماذا نفعل وقد يبس الدم
بين يدي جلادينا
في العتمة و في الأوقات التي لا تسترد؟
ماذا نكتب إذا ذهبنا إلى أول البدايات
و حدث لنا ما حدث الآن ؟
يا إلهي
هل ستغفر لنا خطيئتنا
و تغمض عينيك عن أصغر عوراتنا ؟
ماذا نقول إذا عاد يسوع مستعجلاً
ولم يجدنا ؟!
...
بين يدي مرّت كل الأزمنة سهواً
لكنْ ليس على يدي أثر
لحيوان سقط أو خنجر تقطع لونه بالدم
في مكاني الثابت مثل اصبعي الوسطى
نمتُ و عشتُ و ترعرعتُ
و قلتُ و متُ أيضاً
في مكاني هذا
حدث معي كلّ ما حدث معي في الأماكن الأخرى!
...
يا نقطة صغيرة في الحب
و في حياتي الضعيفة
كحيلة غريق يستغل الوقت
يا حجرة تعبث في الهواء العالي
لتنزل شاحبةً على الأرض
يا كلبة تلهث من دون سبب
و كأنّها تلهث من أجلي !

الهواء صديقي القديم بقلم عامر الطيب العراق Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 03 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.