حَزِينٌ بِمَا يَكْفِي.. وَأَصْنَعُ لَكِ حَلْوَى بقلم مبروك السياري تونس



الوَرْدَةُ الّتي لَا تُعِيرِينَهَا اهْتِمَامَكِ
تَفْقِدُ عِطْرَهَا
النَّافِذَةُ الّتي لَا تُطِلِّينَ مِنْهَا
شَرْخُ فِي ذَاكِرَةٍ عَمْيَاءَ
النَّجْمَةُ التي لَا تُشِيرِينَ إِلَيْهَا
مَدِينَةٌ مَنْسِيَّةٌ فِي بِلَادِي
وَثُقْبٌ نَاقِصٌ فِي نَايِ الهُنُودِ الحُمْرِ
لَا يَسْمَحُ بِاكْتِمَالِ جَنِينِ الحُزْنِ فِي أَغَانِيهِمْ
وَلَا يَتْرُكُ لِحَبَّةِ الفَرَحِ الوَحِيدَةِ
فُرْصَةَ السُّقُوطِ !
الآنَ وَأَنَا أَبْكِي غِيَابَكِ
سُلَالَاتٌ بِأَكْمَلِهَا تَنْهَضُ
لِتُشَارِكَنِي البُكَاءَ
تَارِيخٌ مُشَوَّشٌ لِحَمَاقَاتٍ صَغِيرَةٍ
يَنُطُّ كَسِرْبِ غَزَالَاتٍ مَجْرُوحَةٍ
فِي ذَاكِرَتِي
وَأَيَائِلُ بِأَرْدِيَةٍ حَمْرَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ
وَبِأَلْوَان بَاهِتَةٍ كَصَدْمَةٍ فِي الغَالبِ
تُطَارِدُ الرَّاعِي
وَهْوَ يَشُقُّ ضَبَابًا فَاجِرًا فِي خَيَالِي
فِيمَا كَانَ هَمِّي الوَحِيدُ أَنْ أَسْأَلَ الرَّاعِي:
مَنْ ذَا أَلْبَسَهَا أَرْدِيَةً حَمْرَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ
ثُمَّ سَلَبَهَا أَلْوَانَهَا المَقْرُوءَةَ
قَبْلَ أَنْ أَحْتَفِظَ بِهَا لِنَزَاهَةِ السَّرْدِ
كَانَ هَمِّي الوَحِيدُ أَنْ أَنُشَّ الضَّبَابَ
لِأَصْنَعَ لَكِ حَلْوَى مُلَوَّنَةً..
الآنَ، وَأَنَا أَبْكِي غِيابَكِ
أُفَكِّرُ فِي مَشْهَدِ الأَيَائِلِ العَابِرِ
وَ أُرَاقِبُ خَطْوِي كَيْ لَا أَتَعَثَّرَ
بِقَرْنِ وَعْلٍ مَغْرُوزِ فِي صَدْرِ الجَبَلِ
أَوْ حَجَرٍ "سَلِيطٍ" لَطَالَمَا اتَّخَذَهُ النِّسْرُ
بُرْجًا لِتَحْدِيدِ طَرَائِدِهِ
وَهْيَ تُكْمِلُ حَيَاتَهَا القَصِيرَةَ بِخُطَى مُتَثَاقِلَةٍ
إِلَى مِصْيَدَةِ المَاءِ عِنْدَ السَّفْحِ
ذَلِكَ الحَجَرُ النَّاتِئُ هُوَ فَقَطْ مَا تَبَقَّى
مِنْ جُلْمُودِ امْرِئِ القَيْسِ بَعْدَ أَنْ حَطَّهُ السَّيْلُ *
مِنْ صَدْرِ الجَبَلِ الذي أَمْشِي عَلَيْهِ الآنَ..
صَدْرٌ يَمْشِي عَلَى صَدْرٍ
كِلَاهُمَا يَجُرُّ حُزْنَهُ
أَحَدُهُمَا يَنْزِلُ بِهِ أَسْفَلَ حَيْثُ النَّبْعُ
وَالآخَرُ يَصْعِدُ بِهِ أَعْلَى حَيْثُ سَحَابَةٌ نَائِمَةٌ
المَاءُ.. كُلُّ المَاءِ الّذي فِي السَّفْحِ
وَ قَدْ مَلَأْنَاهُ مَعًا مِنْ بِئِرِ أَسْرَارِنَا
هُوَ دَمْعِي الآنَ !
وَبَهْجَةُ لُغَتِي فَاكِهَةٌ صَيْفِيَّةٌ
لَا تَنْضُجُ إِلَّا بَيْنَ شَفَتَيْكِ
وَلَكِنِّي مُنْذُ أَعْوَامٍ لَمْ أَرَ ضِحْكَتَكِ !
لِأَمْرٍ مَا ذَهَبْتِ بِكُلِّ الضِّحْكَاتِ
وَاتَّبَعْتِ الحِكْمَةَ التي سَبَبُهَا غُرَابٌ !
أَمَّا أَنَا فَحَزِينٌ بِمَا يَكْفِي
رَغْمَ ذَلِكَ أَجْتَهِدُ فِي أَنْ أَضَعَ لَكِ حَلْوَى العِيدِ
فِي قَصِيدَتِي الحَزِينَةَ..
-----------------
مبروك السيّاري
*استدعاء لبيت امرئ القيس: مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا،،، كجلمود صخر حطّه السّيل من عَلِ.
حَزِينٌ بِمَا يَكْفِي.. وَأَصْنَعُ لَكِ حَلْوَى بقلم مبروك السياري تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 01 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.