أفيون ......بقلم ريتا الحكيم / سوريا





كيفَ أحبَّتْني تلكَ السَّمراءُ
التي تُشبهُ موطنًا لم أجرؤ يومًا على العودةِ إليه؟
حينَ سألتْني: مِن أينَ أنتَ؟
لَمْ أفصحْ لها عنِ اسمهِ وأوحيتُ لها أنَّهُ
إحدى نزواتي السَّابقاتِ
وأنَّني تبتُ وعدتُ إلى رُشْدي
تلكَ السَّمراءُ..
حكيتُ لها عَنْ طفولتي العجوز
عن ألعابٍ رسمتُها على جذوعِ الأشجارِ
وكيف كنتُ أغمضُ عينيَّ وأنا واقفٌ أمامَها مبهورًا
بما اقترفَتْهُ يداي
ليسَ لأنّني أحبُّ الرَّسمَ أو لأنَّني أحلمُ أنْ أغدوَ رسَّامًا
مثلَ بيكاسو الذي ما سمعتُ به إلا مِنَ الجرائدِ
التي كانتْ أمِّي تستخدمُها بدلَ السَّتائر
أخبرتُها أنَّني لم أنتعلْ يومًا حذاءً لكنَّني شَرِهٌ للتَّبغِ والأفيونِ
وأنَّني كنتُ أحلمُ أنْ أصبحَ قرصانًا شريرًا
وأيضًا أنْ يكونَ اسمي سيلفر
لأنَّ رِجليَ المبتورةَ بقيتْ هناكَ في سريرِ آخرِ امرأةٍ
مارستُ معها حُبَّ الوطنِ
تلكَ السَّمراءُ..
تشبهُ أمِّي بكلِّ تفاصيلِها، بصمتِها الحزينِ
ليتها تعلمُ.. تلكَ السَّمراء
أنَّني ما نسيتُ
اسمَ وطني إلَّا لأنَّه لم يعدْ يُشبهُ حضنَ أمِّي.

* من مجموعة (كما لو أن النوتة سقطت سهوًا)*

#ريتا_الحكيم
أفيون ......بقلم ريتا الحكيم / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 11 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.