شعراءُ شرائِح السِّيلِيكُون بقلم محمد خلاد المغرب


قلتُ له: لا تفعلْ
لأنّه ماذا لَو ربحتَ العالم
وخسِرتَ نفسَك
لكنّه مثل فَاوْست* عَانَد
وشَحَنَ إِكْسِيرَ الحياة
في قَلْبٍ بدِيلٍ منَ البلاستيك
يا لَلهول ! سيكتُب قصيدة
بإشاراتٍ إلكترونية
معجونةٍ بمشتقات النفط
وسيتحدث بلغة مَصْبُوبة
في شَمعِ البرَاڤِين*
وكلَّ يوم يتشَكّلُ في صورة جديدة
مثل الموادِ الأخرى الشَّبيهة
و المنتوجاتِ المُرَقْمنة
المُثَبِّطَةِ للَّهب الوجداني
ها قد أصبح كائنا آخر
يفكر في تأسيس نَادٍ
لشعراء شرائح السِّيلِيكُون
ببيان أول عن حداثة
ما فوق الفضاء الأزرق
سينكر أبونواس قصائدَه
لأنها تحتسي الخمر
في أقْداح لدَائِنَ صَلْبة
ولا تُنادِمُ الخليفةَ في ليالي المُجُون
ونِيتْشَه الذي قتل الله في ذروة جنونه
لن يجد ورثتُه الفلاسفةُ شاعرا يقتلونه
فقد ماتتِ القصيدة
وصار الحِبْرُ يرفضُ الحَرْف
كأنَّ الترابَ غير التراب
الطَّبيعةُ تبدَّلتْ كما قَلْبُه
في الغابة نمَتْ أشجارٌ مطَّاطية
والشفقُ تحوَّل إلى قطعة
من قُماش النَّيْلون
وفوق المدينة الحالكة
تسطع الشمس بأضواء النِّيون الأحمر
فيما الشوارع المُزَيَّنةُ بأزهار اصطناعية
بدت كمرقص ليلي كبير
والناس أشتاتٌ يمُوجُ بعضُهم في بعض كالفراش المبثوث
تهزُّهم ريحٌ عاتية
تُنذِر بتْسُونامي عنيف
كأَنَّ شيئا منْهُ انْسَلَّ
وتبدَّدَ بخاراً في الهواء
ناداه: لا تترُكْني للفراغ
ماذا سيبْقى مني
سوى نسخةٍ منك
تعيش بين أمْساخ البشر؟
لا أنتَ فيَّ ولا أنا فيك
لا هنا ولا هناك
ليْتَني مافعلتْ
ذاكَ الذي فعلتْ
وليْت بحارَ شِعري سُجِّرت
فتمتلِئ سمائي بالسُّحْب
تَهْمَى بالنَّدى
فأستردّ روحي التي خَسِرت
وفَلَّاحا أصيرُ
أزرعُ القَفْرَ نَخْلا.
———-
* فاوست: بطل إحدى الحكايات الشعبية الألمانية وهو ، بحسب الحكاية، عالم كيميائي باع روحه للشيطان مقابل أن يمتلك المعرفة المطلقة ويتمتع بكل الملذات الدنيوية.
*"لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟"
(إنجيل مرقص 8:36)
*شمع البراڤين: شمع يستخلص من تركيبة مواد نفطية له قابلية مرنة للتشكل.

شعراءُ شرائِح السِّيلِيكُون بقلم محمد خلاد المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 29 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.