هل تخون الوحدة ايضا ....بقلم هيثم الأمين / تونس



السّيّدة الجالسة مع وحدتها في المقهى
لم تكفّ عن التحديق في بطني المتضخّم
ربّما، هي ظنّت أنّي رجل أبله
أزجّ بزوجتي في المطبخ مع الكثير من الأغراض و أنتظر خروجها منه بوجبة جديدة
كما تفعل مافيا الأسلحة مع عالم ما و تنتظر منه أن يخترع سلاحا جديدا.
تلك السيّدة التي تقاسم كوب الكابتشينو مع وحدتها
أنا لم أكن أنو أن أبكيها
أنا، فقط، وشوشت لها:
أنا رجل أعزب
و غدا
و على سرير ما، في هذا العالم، سينبتُ طفل جديد
طفل سيولد صامتا كحجر
و لن يستقبل الحياة ببكاء حارّ كما يفعل كلّ الأطفال
و ربّما سيبصق في وجه الطبيب الذي سيضرب مؤخرته، كثيرا، ليبكي
و لكنّه لن يكون، أبدا، أنا
أنا الذي ركلني أحدهم من باب القطار، قبل أربعين عاما، فوجدْتُني أبكي على رصيف الحياة.
الرجل الذي كان مشغولا بمسح الحزن، بقدمه، عن الجوارب السوداء التي ترتديها حبيبته
لم يفطن لجلوسي مع وحدتي في المقهى
ربّما، مسح الحزن، عن جوارب سوداء، يحتاج تركيزا كبيرا
و لكن، حتما، شيء ما كان يجعله قلقا
فهمت ذلك من حركاته المضطربة على الكرسي
ربّما لم يكن يحمل نقودا تكفي لتسديد الفاتورة و ترك بقشيش محترم للنادل!
النادل كان يراقب قهوتي السوداء
كأنّه يريد أن يفرغ من مهمّة ما
أو ربّما كان يتغزّل بوحدتي دون أن أدري!
و لكن
هل تخون الوحدة أيضا؟!!!
هل تخون الوحدة ايضا ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 29 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.