هنالك شيء ما يلده الحب فيما بعد ....مروى بديدة/ تونس
هنالك شيء ما يلده الحب فيما بعد
جسم رقيق ...ضوء إنسيابي أو حركة رشيقة
زجاج لامع يخترق قلبينا و لا يجرحهما
إنها الرحمة ...
تلك التي بألوان و شراشف و غرفة للأخطاء
إنه العفو
ذاك الذي يبدو فسيحا ..أبيض و عريضا
بذراعين ممتدتين
يرد بهما أحدنا الآخر في كل فراق
إنها الشفقة
خضراء مضرجة بالعشب و الندى الشفاف
يمر فوقها منجنيق الخيبات و الألم
فيحضن أحدنا الآخر، يبكي و ينام
هنالك شيء ما يلده الحب فيما بعد
ثمة حب مضاعف
برائحة نادرة و عينين هائمتين
بأصابع دافئة و لا تتعب
هي أصابعك ...
بقلب يحمل نبضين و لا يسأم...
هو قلبك
أيها الحب الغريب ...الذي يولد دائما فيما بعد
حين يمرر رجل زلات امرأة تعبث كالمجانين
يعض كف يده و يشد قبضته على صدره
يبتلع أوجاعه المتآكلة في سلام
ثم يحمل امرأته على ظهره الذي كالجبل...
يشق بها براري الشغف و الشغب و الحبور ...
ذاك هو الشيء الباهظ الذي يدفع ثمنه أحدنا...
ذاك هو الأمر الذي أهديتني أيها الرجل ...
و أنا أستهلكه على مهل ...أتنفسه سعيدة
أعيش في أحداقك و شرايينك...
كالداء العنيد...
أعانقك و أعض على شفتي
كلما قلت لي "أيتها الروح"
أشعر كم أنا قاسية على داخلك...
بيد أن الروح مرنة...
هنالك شيء ما يلده الحب فيما بعد ...
تربيه أنت يا حبيبي و أنا ألتهمه...!
هنالك شيء ما يلده الحب فيما بعد ....مروى بديدة/ تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
01 نوفمبر
Rating:
أن تسمي الحب "زجاج لامع يخترق قلبينا و لا يجرحهما". وأن تناجي الأصابع الدافئة التي لا تكل.. وتكيل الأوصاف التي يخلقها جنونها, مستمرة كمن تعبث بمعرفتها محبة الغريب إلى أن يغدو كل "قلب بنبضين". هل هذا نظم, أم رؤية خيالية مسبقة ربما أو متأخرة لما "يولد فيما بعد". وأن تصف نفسها امرأة ذات زلات تعبث كالمجانين..
ردحذففالأسطورة تتطور إذاً من غرفة الأخطاء إلى براري شغف, شغب وحبور. وذلك بعد خيبات الألم (أي الماضي) كما خبرتنا عنه ضمن قصائد سابقة. ولأنها تحمل بداخلها تفاصيل ما مر بها (أو ما مرت به) ترى بما يلده الحب فيما بعد شيئاً باهظاً له ثمن يدفعه أحد الطرفين. وليس من المهم من هو هذا الأحد. طالما هناك تبادل في الأخذ والعطاء, طالما هناك رضاء "ذلك الأمر الذي أهديتني أيها الرجل".. أستهلكه على مهل" // أتنفسه سعيدة. وبعد تعرفها مجدداً على سعادتها الذاتية... تعيش داخل صاحب الهدية في الأحداق والشرايين كالداء العنيد... أي تتبادل الأدوار لتكون هي القاسية الآنية وليس "الطريدة" التي كانت تتألم في السابق. فأنت أيها "الحبيب" تربي أناها الجديد القادم بولادة الحب فيما بعد وهي تلتهمه كما تشهد القصيدة بكلماتها الأخيرة "أنا ألتهمه"... لشاعرتنا أنا مركب من كل ما جاء ومن كل ما يأتي ضمن قصائدها ومن الطبيعي أن يتغيير هذا الأنا حسب أطوارها.. والقادم قد يكون لا أقل درامياً مما سبقه.. فما أدراك ما تخلقه دراماتيكية الحياة والعيش المعرفي؟؟؟ دمت أيتها الشاعرة الإستثنائية مروى بديدة