أب يبكي أطفاله الأربعة .....زكريا شيخ أحمد / سوريا

أغلب المشردين هنا في أوربا يهتمون بالشأن العام
و يتابعون الأخبار
عرفت هذا حين عملت كمتطوع
في إحدى المؤسسات التي تقدم خدمات للمشردين و أصحاب العاهات هنا في ألمانيا
فتقدم لهم الطعام و الشراب و الألبسة مجانا
و كذلك تؤمن لهم أمكنة للنوم .

في مكان مخصص لأيوائهم
كان أحد المشردين الأوربيين جالسا يقرأ كتابا ضخما
و يشرب القهوة التي قدمتها له .
مشرد آخر جلس قبالته ثم بدأ يتحدث معه .
المشرد الأوربي كان مشغولا بالقراءة
بين الفينة و الأخرى كان يرفع رأسه عن الكتاب
و ينظر له من فوق نظارته
المشرد الآخر كان يتحدث بحماسة عن بطولات الجيش التركي
و أنهم تمكنوا من ملاحقة الإرهابيين المتواجدين
خارج حدودهم
و أنهم بسرعة كبيرة سيطروا على مناطق واسعة في سوريا كانت تحت سيطرة الارهابيين الكورد
و ان الوضع الآن في تلك المناطق آمن
و الشعب هناك تنفس الصعداء
و ان الحكومة التركية تقوم بتقديم الخدمات .

و لما لاحظ المشرد أن المشرد الأوربي غير مهتم بحديثه
قال له إن كنت لا تصدقني إسأل هذا الرجل مشيرا إلي
إنه من سوريا
و أعتقد أنه من عفرين إحدى تلك المناطق التي كانت تعاني من الإرهاب .

لم ينبس المشرد الاوربي ببنت شفة ،
قام و وضع كتابه و اشياءه التي كانت على الطاولة
في حقيبته
ثم ارتشف من فنجانه رشفة أخيرة ،
رمق و هو واقف ذلك المشرد نظرة استهزاء
و قال له
أنا أعرف أن هذا الرجل من سوريا و من عفرين
و لقد أراني حين قدم لي القهوة
صورة رجل غادر عفرين بعد ان فقد طفلاه حياتهما
نتيجة قصف طائرة جيشكم الحربية
و الرجل كان يبكي بحرقة على طفليه
و لكن البكاء هذه المرة كان مضاعفا
لأنه كان على طفليه الآخرين الذين فقدا حياتهما
قبل يومين نتيجة قصف مدفعية جيشكم .
لا أظن أنك ترغب برؤية أب يبكي أطفاله الأربعة
ثم غادر .