صداع .......بقلم هيثم الأمين / تونس
في الحانة:
ضجيج،
امرأة بصدر أعور تضحك بهستيريا،
بحّارة يحملون
على كفوفهم ضحكات شباك بخيلة
و على ظهورهم آخر صلواتهم عند قدَميْ العاصفة
و يحلمون
بصيد وفير.. على اليابسة،
كرسيّ فارغ
يحتسي الكثير من الحزن
و يغنّي لحمامة كانت تتسوّل في السّاحة العامّة
و رجلٌ
بلا تاريخ
و كلّ أوراقه الثّبوتيّة مزوّرة
يجلس في الرّكن، خارج الضوء،
يشحذ أصابعه بكلمات حادّة
و يناقش قضايا الوطن مع قتلة يجوبون رأسه بحثا عنه !
خارج الحانة:
جنود يركضون و مطر خفيف
هناك، أيضا،
صيدليّة ليل تغمز المارّة،
محلّات توقّفت عن الثرثرة
و ليل طويل يرتدي معطفا باردا جدا
و يتسكّع بعيدا عن عيون الجنود الرّاكضين.
أنا، ربّما، داخل الحانة
أو، ربّما، خارجها !
قد أكون النهد المفقوء
أو الكرسيّ الفارغ
أو أنّي الرّجل الذي بلا تاريخ و كلّ القتلة الباحثين عنه !
يقول المطر الخفيف:
أنت الجسر الذي يحاول تقطيب جرح المدينة.
تقول الصيدليّة:
أنت علبة بانادول
تقول غرفتي التي تشعر بالصّداع:
أنت صداعي الحاد !
يضحك الليل، يلوّح لي من بعيد
و يقول:
أنت عود ثقاب
تحتاج لرقاقة حلم تفرك عليها رأسك لتشتعل... و يقهقه.
على حافة النافذة
تحطّ حمامة مبلّلة
ثمّ تصرخ في وجهي:
الجنود يحاصرون البيت
أهرب، أهرب، أهـ..
و أمسكها القط !
و أنا.. أنتعل خطواتي و أركض.
أركض في داخلي بحثا عن منذ أخرج عبره منّي
و كلّما دلفتُ إلى خارجي أجدُني داخلي من جديد !
طرق عنيف على باب غرفتي !
رجال يصيحون: المكان محاصر فلا تحاول الهرب.
رجال يصيحون: أهرب، أهرب، الغرفة تحترق !
رجال يصيحون: توقّف ! لا تهرب ! من أنت؟ !
و غرفتي التي تشعر بالصّداع و بالقلق
تشربني كاملا !
وحدها يدي،
على الرّصيف،
تقف تحت المطر الخفيف
و تنزف
...
صداع .......بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
11 يناير
Rating:
ليست هناك تعليقات: