تسعة نصوص للشاعر أحمد الفلاحي / اليمن
هل هناك طريق آخر؟
قلتُ للبحر
ومضيتُ
أبحث عن قوسٍ
ومطرقة
المنجل لم يعد يتمم القضية
القضية موت وحرب
أشجار تلعق العليق
قنابل تبتسم في وجه الطفولة
هل هناك طريق آخر؟
سألت البحر
وأردف موجة ترافقني
لم يكن ليلفظني
لو أنه لم يجد قاربا يمخره.
كعادة البحر
يغير موجه
وأنا الوحيد الذي عشقت البحر
والبحر يعشق الزبد.
........................
أذكر جيدا هذا اليوم
إنه ليس الثالث عشر من مارس
هذا اليوم يحاصرني في كل أوراقي
حبيبتي لم يعجبها هذا اليوم
ومن يعجبه 12/12؟
الوحيد الذي يعجبه ذلك: الفراغات في الصفحات الالكترونية
لا أجد صعوبة قط في تغيير اليوم أو الشهر
الصعوبة الحقيقية
الانتقال بين برجي النار والماء
انا التضاد
أذكر تلك الحرب القابعة بين دفاتر العشاق
وبين ظلال المسلاّت
أنا ثلاثي التكوين
امي ولدتني فجرا
لا شيء يرافق صراخها الا صياح الديك
العصافير انتفضت
لم أبكِ وقتها كما قالت أمي
أدخرت كل البكاء الى الثاني عشر من ديسمبر
في ديسمبر بكاء الأحاجي
وقهقهات الدروب
أنا ولدتُ تماما وقتما اختزلت عيناك ظلالي
لحظة تكوّرتُ داخلك كبرتقالة شتاء
كنتُ انا
وكان ديسمبر
وكان البحر
...............
على الطاولة
تقف مزهرية خرساء
الوردة داخلها تحكي قصة البوح
البوح الذي ينقصنا
وعلى شفاه البرق
أغنية ضوء
إلا أن المسافة متعبة
كيف سيصل النور في الثالثة حزنا
الى أباريق عمياء
على التلفاز
مذيعة تمتطي فيلا
تقرأ الأخبار من خرطومه
ولا تنسى أن تذكر القتلى بدمعة
وعناكب
.....................
ليس هناك ما يبهج
غير أنّ الحرب تبتسم هناك
هنا في شارع محمد الخامس
في الرباط تحديدا
حيث المارة لا يبتسمون أيضا
إلا أن الشجرة المقابلة تراودها ابتسامة
ابريق الشاي "المسوس" يعبس أيضا
يمر النادل دون شفاه
وفتاة تتعثر بالضوء
وحده الاسكافي يضحك
من ذبابة لا تترك حذاء زبونه
اليوم ترسل الشمس ضحكتها الأخيرة
كأنها تغمز للشتاء.
أدخن بشراهة
وأطلق ثعباني في الهواء
إنها الواحدة الآن
موعد ولادة الضحك
لكن من يقنع الحرب أنها ليست عاقر
..............................................
ثمة حيوات كثيرات
الا أن حياة واحدة تكفي
تكفي لأن يصطاد تمساحٌ سمكةً
أو فقمةً تمر بالقرب
ثمة حياة واحدة
يكفي أن تعشها بكامل فسيفسائها
بالمطر المنسي
بالتل
بالعناب
والنبيذ
والجلادين خلف القضبان.
يكفي أن تضع قدمك في النهر
واصبعك في الخريف
وترحل
............................
في أحاين كثيرة
يهرع الحلم الى زاوية حرجة
يركل هلالاً ونجمة هناك.
في أحاين قليلة
يصاب القلب بدوار
حتى أنه لا يدرك الشارع الخلفي
يبتسم للمارات فقط
لكّنه يمعن فيك وينتصب
مثل جندي أمام دكتاتور.
مرات حزينة
تهطل دمعة
ويدرك المعنى مجازٌ شارد
الا أنك رؤيا
قلما تتكرر.
في أحاين
تسطو ابتسامة طفل
على بنك دمع
عندها
كل ذئاب الحرب
تشعل شمعة الخراب
وتعتقل الطفل
أنا طفلك الذي لايكبر أيتها الحرب
..........................................
حتى في الحمى اللذيدة
يهطل طيفكِ كما لو أن تنينا خرافيا هبط للتو
النيران بألسنتها الخمسة
تراقص همسكِ في العظام،
نحن أبناء البراكين واللهب،
أبناء العشق الهارب من مدارات الحريق
نرصد الشمس الخاتلة.
حتى في الخريف
أوراقكِ لا تتساقط
نستظل معا تحتها دون مساس
نحن أبناء الربيع والمهد
نكترث للضحكات الصغيرة
ونعشب بالضوء.
حتى في كل الفصول
تنساب خاصرة اللوز
ويضيء قلب الغابة
لا طريق للعناكب
ولا يتأتى الموت.
حتى في كتابة هذا النص
تتنزل ملائكتك الخضر
وتغيب شياطيني
حتى وأنتِ هناك
تورقين هنا.
............................
وأنا أمرر أصابعي على وشم الولادة في جسدك الطري
يقفز نورس من صدري
بينما تركض الأيائل في رأسي
لتجوب الليالي والمرافئ
لم يحدث أن تقززت أصابعي من تعاريج خلفتها حرب التناسل،
لوحة تشكيلة من عصر ما قبل النهضة على كامل جسدك
وأحبها كعاشق مجنون للفن،
هل أخبرك عن وشم النار
وبياض الفضة
وقطعة الشكولاتة بالحليب في جسدي؟
ماذا لو جربتِ سيجارة روحي
انفثي ذاكرتي الرثة فيها
ستجدين "رأس المال" و"فصوص الحكم" و "أثر الفراشة" و"الطواسين"
منتصف الروح:
تخرج الحرائق الثلاث
نحو الغابة،
أبخرة المدينة حبلى للمرة الثالثة
يتساقط الثلج كأننا في طريق النبيذ.
آخر الروح:
الحرب تبتسم والوطن الذي رسمناه بالرصاص يعوي
لكِ الان أن تغمدي البحر في غمد الليل،
نجمتان يانعتان
تهربان الى أحجية الفنار
من يدل السندباد على طريق العودة
ويرسم على شفتي قبلتك الاولى؟
آلهة الطين
تبرق بالنار
ويبكي الماء.
...................
مازلتُ واقفا أمام الشجرة
أطوف معها حول التفاحة
صديقنا أبليس
هو الآخر مازال يبتسم
تفيض الغواية من سرة الماء
قلت
أنا سأعرفه أكثر
والاسماء التي تعلمتها
هي يد المصافحة مع "شيخ العارفين"
دعنا ننبت هذا العالم
هكذا تكلمت الانثى
الآن
ومع كل أشجارنا الملونة
نهمس للبذور بصمت الروح
نترك للريح أبواب المعنى
وزهرة المعرفة
وننبت من جديد
تسعة نصوص للشاعر أحمد الفلاحي / اليمن
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
04 يناير
Rating:
ليست هناك تعليقات: