شذرات من وحي القيامة بقلم رشيدة المراسي/ تونس

جئت من أقدم قبيلة ضاربة في الجبال كانت تسمّى قبيلة الغجر كل ما في ديارها سكّان من مرمر وعقيق و حجر تحفظ لأقدام الصبّار تاريخها ولجذور الأشجار رقصتها الحنجليّة .................. هب لي بمقدار دودة القزّ شهب الرياح القمرية الأولى في مواسم الحنين واضرب عليّ سرادقات يومك الموعود فأنا كما الله أحبّ الموت والميلاد والقيامة وأحب الانكسار المدوّي على ناصية شمعة تحترق ارفع ستار الحجب السبعة فهذي البلاد بردتُها من خُضرة الأرواح المتلألئة .................. أمرّ على الأبواب المواربة كل صباح أحصد فراغاتها المخاتلة بمنجل التّيه أحمّلها على كتفي وأمضي ................. أراك وحيدا بين قبائل التتار وخلفك جبال الرماد تحتشد طاف الحلم سبعا وطوى العالم بطرفة عين و ترجّل عن صهوة كبوته هذا الصمت يجتاحني كما طوفان الفراعنة مع فارق التوقيت الدهري ويحيل جثتي إلى مومياء ممددة على صليب عقارب الساعة العربية .................... تحت أشعة شمس آب الحارقة كنت أمشي خلف جنازة بالصدفة الطريق المؤدية إلى بيتي كانت ضيقة وكانت الجنازة أكبر من الطريق وأبعد من بيتي ................. هذي بلاد أدماها جرحها وقد طال جلوسها على كرسيّ الإعتراف فمتى يسقط الإستجواب ويعود الكرسيّ إلى ذمة الله .................. يطلّ وجه أمي هذا الصباح على غير عادته هادئا بعينين تحدقان في صمت وامتنان ترويان حكايات الحنين إلى الأفق البعيد وتجيبان على نفس الأسئلة التي كانت تؤرّق الأطفال في كل ليلة عيد ................. ربع قرن من السفر وأنا أنتفض رفقة جواز السفر بين بوّابات العبور والأسلاك الشائكة ودرك الحدود البرية والبحرية والجوية آن الأوان أن تعبر حروفي وتحلّق بلا إشارات مرور بلا غرف تفتيش مذهبية فوق البوابات فوق قبعات رجال الجمارك فوق حواجز الأسلاك الشائكة بلا جواز سفر مشلول الهوية في سماء البلاد العربية المحتلة من الوريد إلى الوريد
شذرات من وحي القيامة بقلم رشيدة المراسي/ تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 17 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.