قراءة الأستاذ سامي المسلماني/ تونس لنص الشاعرة رشيدة المراسي/ تونس: على هامش سيرة النمل والعنكبوت



قراءة الأستاذ سامي المسلماني/ تونس لنص الشاعرة رشيدة المراسي/ تونس: على هامش سيرة النمل والعنكبوت
لا أخفي سرّا
فأنا لا أمشي خلف جنائز الجماعة
ولا أطوي الأرض بمقلتيّ بحثا عن فقيد
ولا أحتفي بسفر التوابيت إلى الجنة
كما أني لا أقيم للحزن مواعيد مسبقة للإحتفال
ألغي جميع الدعوات إلى المؤتمرات والقمم
حتى لا أتعلم طقوس الإعداد للحروب النفسية
وحتى لا أكتشف أسرار التفخيخ عن بعد
وحتى لا ينفجر في وجهي حزام ناسف
فيكون رقمي الضحية الأخير في المعادلة الأمبيريقية سالفة الذكر
أنا كائن خرافي يهوى الإقامة في الأدغال
أرابط بين شقوق الجبال بحثا عن قبائل النمل
في سيرة سليمان الأول
وفي بيوت العناكب الواهنة أضع بيض الرسالة الرابعة
في سلة الغيب الشهيد
حتى لا أحزن على وحدتي من الغياب
وحتى يكون الله دائما معنا
أنا وصاحبي الغريب
على هامش سيرة النمل
والعنكبوت
………………….
قراءة الأستاذ سامي المسلماني/ تونس
في هذا النص سيرة العزلة الآهلة بالانس ،انها عزلة الشاعر الذي قرا الواقع واستقراه فانكشفت له حجب الخبايا…زيف الواقع ،تهافت الموجود،غلوّ التافه في تفاهته،ايغال الجماعيّ في رتابته…ارى رغبة في الانفصال عما هو جماعي بما هو حرب نفسية وتفكير مجاني وهم واهتمام بما لا يستحق الاهتمام..لكني ايضا الاحظ ان هذا النص رمية نرد فيما وراء الميتافيزيقا من خلال استحضار النص القرآني وقصصه من النمل وسليمان الى العنكبوت وغار ثور و لا تخف ان الله معنا…هذا التداخل بين سير الانبياء وسيرة الشاعر تشي بمقولة الشاعر النبي التي بدات مع جبران وتغلغلت في المتون النقدية خاصة في عصرنا الغريب العجيب والفانتازي ايضا
ان الواقع السريالي الذي نحياه فجّر في الشاعر عيونا من الغربة لا تنضب ،تلك الغربة التي عاشها الانبياء ويعيشها الشعراء
اتهم الانبياء بالجنون لانهم جاؤوا بما لم يعهده الناس و يحلّ الشاعر في الجنون لانّ حياة الناس احقر من ان تعاش
الشعر اذن نبوة وجنون وان لم يكن كذلك فان الشاعر سيكون محرد ببغاء يكرر معاني الاقدمين ويستعير اساليبهم المكرورة السمجة
فالشاعر يجب ان يكون ابن عصره قلبا وقالبا يقول ذاته في تفاعلاتها الذاتية العميقة وفي تفاعلها مع واقعها…هكذا افهم الشاعر وهكذا قال النص
ولا باس حينها ان يكون الشاعر خارج النمل والعنكبوت والغار!
واشير في اخر هذا الانطباع الى ان هذا النص جمع بين ثلاثة اقانيم تمثل العمود الفقري للشعر المعاصر وهي النبوة،الجنون،مغازلة المجهول،كل ذلك في لغة تجمع بين الرمز القصصي القراني وسمة التفكيك والتشظي واسلوب القناع الذي يبتعد بالشعر عن المباشرتية الفجة واللغة المنمقة ،لغة انسيابية بسيطة لكنها عميقة،وهنا تكمن مزية قصيدة النثر التي لا تحفل بفخامة اللغة بقدر ماتحفل بجدة العلاقات بين المفردات اغلب شعريتها في تلك الكيمياء الصادمة الى حد الدوار….كم هو رائع هذا الدوار!
قراءة الأستاذ سامي المسلماني/ تونس لنص الشاعرة رشيدة المراسي/ تونس: على هامش سيرة النمل والعنكبوت Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 14 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.