رمادٌ عاقر ....بقلم هيثم الأمين / تونس




أنت الآن، ربّما، جدارْ؛
ربّما، تتسلّقك، الآن، الطّحالبْ
و تَقْبَلينْ
لأنّ لونك الباهتَ لا يُعجِبُكِ
و الرّسّام،
الذي تحلمين به،
قد يكون مشغولا جدا برسم امرأة أخرى؛
امرأةٌ لا تعلّق صور رجالها على صدرها
و تعرف كيف تجعل من رجلٍ مُتحفها الخاصّ الذي تُعلّق على جدران قلبه كلّ صورها... و تضحكْ.
في منتصفكِ، شرخٌ لم يجرّب غواية البكاء
تباغتينه بأسئلتكِ عن إثم الحبْ،
عن خطيئة الولادة، عن عمق الوجع،
عن الدّم المسفوك دون زغاريد
و عن رجلٍ يكتبُ شهوتكِ بالخطّ العريضْ.
أنتِ الآن، ربّما، جدارْ؛
تقزقزين تكتكات السّاعة
و ترتشفين ذاكرتك باردةً
و وحدها ثقوب المسامير على صدركِ؛
المساميرُ التي كانت تحمل صور رجالك،
تلعب لعبة النّايْ
و أنت تلعبينْ
دور الرّاعي و دور القطيعْ.
ربّما، أنتِ الآن شجرة !
شجرة يرتاح في فيئها غجريٌّ وسيمْ؛
غجريٌ يلتهم فاكهة قلبك
و على جذعكِ ينصبُ أوتاره
و يعزِفُكِ لحنا جميلْ.
ربّما، أنت الآن شجرة؛
تَكبُرُ، فيكِ، فراخُ الحبْ
و ترقصين مع الرّيح السّلووْ أو السّامبا
بينما قدماك تتدرجحان في النّهر فيصير ماؤه سكّرْ.
أنتِ الآن قدّاحة ثمينة
تضرمين الفرح في حزن رجلٍ ليس أنا،
تضرمين الدّفء في برد رجلٍ ليس أنا،
تضرمين القبلات في جلد رجل ليس أنا،
تضرمين أنفاسك في وجه رجل ليس أنا،
تضرمين أناملك في حشائش صدر رجل ليس أنا
و تضرمين غيابكِ في عمري...
أنا؟ !!
أنا طحلب كبُرَ على الجدار أكثر من اللازم فأسقطته المقشّة،
أنا تكتكة السّاعة التي مضت،
فرخ طائر لا أبوين له سقط من أعلى الشّجرة
و أنا الرّمادُ العاقرْ.
رمادٌ عاقر ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 03 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.