المهنةُ : مُحْتَضِر ....بقلم حسن الخندوقي / المغرب
▪ المهنةُ : مُحْتَضِر
أقسم إنني سوف أنتصر
على رغبتي في مزيد من الحياةِ
ذات يومٍ
اليومَ ، ما أقسى انتظار الموتِ
بمزيد من الرغبة في الحياةِ
لا يختلف هذا اليومُ
عما سواه.. قبله أو بعده
سيّان
ثلاثةُ أيامٍ رتيبةٍ
يرهقها الإحتضارْ
في انتظارْ
مزيد من الموتِ
على نعش الحياةِ
إنه أطول احتضارْ
في انتظارْ
ما قطعته على نفسي
بالإنتصارْ
ذات يومٍ
على كل هذا الموتِ
المَدْعُوِّ حياة
يا ترى
أ أنا الرائي
أم المرئيُّ
أم مرآةٌ
أم صورةٌ ضوئيةٌ
أم انعكاسُ الضوءِ
أم مجموعُ ذلك
أم مجردُ عينٍ
كلُّ شيءٍ لإنسانها
إِبْرَة ؟
ليتني ما رأيتُ
و لا رُئِيتُ
و لا اهتدتْ كل تلك الإبَرِ
إلى إنسان عينِيَ
الذي أتعبه الوَخْزُ
منذ كَحَّلَتْ أمي
جفنَيَّ بمِرْوَدِ الحَبْلِ
السريِّ المقطوعِ
بيني و بين رَحِمِها
ذاك المِرْوَدُ المغموسُ
في جبال الكُحْلِ
الناتئةِ في الروحِ
روحي أم روحِها ؟
لستُ أدري !
فليتني مثلما ما دَرَيْتُ
ما رأيتُ و لا رُئِيتُ
و لا اهتدتْ إليَّ الحياةُ
بِقَرْنَي استشعارِ حَشَرَةٍ
واحدٌ اهتدى بصوت
صرخة الطلق
و الآخرُ اهتدى بصوت
صرخة الميلاد
أَ وَ لَمْ يَكُ لتلكمُ الحشرةِ
المسماةِ حياةً
قرنُ استشعارٍ ثالثٌ
يهتدي إليَّ بصوتِ
زغاريد العقيقة
أم إني - دون إخوتي -
لمْ يُرَقْ على شرف قدومي
إلا دم العنزة فوق قميص يوسف ؟!
و ها إني على صدى الصرختين
أحتضِرُ
منتظِراً صرخةً ثالثةً
ليس منها مِنْ مَناص
يا ترى
أ أكون السامعَ
أم المسموعَ
أم الصارخَ
أم المصروخَ عليه
أم صورةً صوتيةً
أم انعكاسَ الصوت
أم مجموعَ ذلك
أم مجردَ أُذُنٍ
تسمع صراخ العالم
داخله و خارجه
و لا أحد يسمع أنينَهُ
و صراخَهُ
و استصراخَه ؟
و ما زال في جعبتي
من الإحتضار المزيد
أَسْطيعُ مثلا
أن أحدثكم
عن احتضار أنفي
لأنه لا يشم عبيرها
و عن احتضار فمي
لأنه لا يقبل جبينها
و عن احتضار أطرافيَ
العاطلةِ عن خدمتها
و عن احتضار كل مسامِّي
لأنها لا تتعرق في سبيلها
و عن احتضار رأسي
و قلبي و روحي
و شَعْري و شِعْري
و كلِّ أجزائي
و عن احتضار كُلِّي
جملةً و تفصيلاً
و الباقي.. بالتقسيط...
ولكن ، يكفيكم ما علمتم
من مهنتيَ الخطيرةِ
التي لا شرف فيها
و التي لن يمارسها
أحد في العالم
كما أمارسها بإخلاص
لا فخر فيه
و لا مناص منها
و لا خلاص...
و هذا النص أيضا يحتضرُ
هل أحسستم في ثناياه
باختلاجاتِ روحٍ مُكَحَّلَةِ العينين
كعروسٍ حزينةٍ
مغريةٍ بالحياةِ
تُزَفُّ إلى عريسها ؟
آنَ أَنْ أتمددَ و أسكُنَ
و أتركَ مَلَكَ الموتِ
يباشرُ عمله في أمان
كي ينقذَ عروسه الفاتنةَ
من حفلة الإحتضار الصّاخِبَة...
ح - خ ( ابن الزاوية )
المهنةُ : مُحْتَضِر ....بقلم حسن الخندوقي / المغرب
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
23 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: