نشيد آدم ( من ٤١ حتى ٥٠ )...بقلم محمد آدم / مصر



 [41]

فى قلب الظلمة المعادية وقفت وصرخت/

يا أبى

أين كلماتك التى تطبطب بها عليّ

أين مأواك لأتسلل إليك فى ظلمة النهار ومتاهات الليل

أين كلماتك التى أخذت تلاحقنى ومنذ أن ولدت

- ها أنذا أحفظها عن ظهر قلب -

لم فعلت بى ما فعلت؟!

لم يعد لى مجد

أنا العابرُ المنهزمُ المأزومُ العارفُ الجاهلُ المتخبِّط الضلِّيل الضريرُ الأعمى

الفقيرُ المنجحدُ الناقصُ الضئيلُ الشائهُ المشوهُ

عائرُ الحظِّ.




[42]

قوّنى ببركتك يا رب

فقد ضعفت وانحللتُ

أدخل يدك الرحيمة فى جيبي فقد وَهَنَ العظم مني واشتعل الرأس شىباً

انزع ظلام روحى عن نفسى

- التى بين جنبىَّ -

أنا الأعزلُ من كل قوس وسيف

غسلنى فى نهرك اللانهائى

فأنا متسخ حتى النهاية ومبلولٌ بالوجع حتى الهلاك

بللْ شفتى بريقك العذبِ

حتى لا يهلكنى الجحيم

والندم

ضمنى إلى جناحك

فأنا فى العراء

والبرد.



[43]

هبنى سلامك الأكيد يا رب

أنا الأعزل من كل معرفة وحكمةٍ

لا لغة لدىَّ لأتعرف بها

عليك

ولا سلاح لى - لأتقاتل مع الشرِ -

سوى هذا الألم الخالص

ولا يقين عندى سوى حَجَرَةِ الشك هذه

أنا مرعوب من كل شىء

من الملل الخالص

والمصير المضمحل

مرعوب من المعرفة الكاملة

والسلام الناقص

مرعوب من السفر الذى بلا نهايةٍ

والإياب الذى بلا يقين

مرعوب من الجنة الخالصة

والجحيم المستعر.


[44]

كانت الدموع

خبزى الوحيد

كان الألم

ثروتى المكتنزة

يداى

زائغتان

ولا تستقران على شىء

فى كل يوم أنفجر مثل آلاف الفقاعات ولا أعثر على سلام نفسى

الكامل

وفي كل ليلة أصنع أساطيرى الشائهة وأدمرها بيدىَّ

هذا الحزن

ثروتى الأكيدة

فراشى

لم يكن سوى محصلةٍ

لساعات الندم

والحسرة.


[45]

بين أشواكٍ أمضى

مقيدٌ أنا حتي النهاية

ومشلول

حتي النخاع

بلا قوة

أو إرادة

بلا مصير

أو حتى حكمة واحدة

بصرى محكومٌ بالعالم

وبصيرتى خاوية

أنا على الأرض مثل حشرة متفحمةٍ

قدماى غارقتان فى الوحل

ولا تستقران

إلا على حشيشة الندم الشائكة

صباحاتى رهن الخطأ ذاته

أيامى قبضة من الرميم

هذا الإثم مقدر علىَّ

هذا الألمُ

نصيبى من الفرح.


[46]

حبي

لم يكن حقيقة بل كان حربة تستقرُّ

حياتى خربة مثل مقبرةٍ

وخاوية مثل صحراوات تقهقهُ

أنا هرم مثل حصان يئن

ومنكسر مثل طاحونة بأطلالٍ

تحت وطأة الرغبة أندفع

ولا أقبض إلا على

الضلال والحسرة

أشجارى غامضة مثل كل شمس

وفى كل صباح لا أتعرف أنا علىّ

مياه أنهاري سحيقة ومالها من غورٍ

قلبى بالونة تكاد أن تنفثىء

وصدرى مثل ثلجة

فى الجحيم

أنا جامد مثل جبل

ومياه أبارى جافة آهِ

مراياى

كلها مكسورةٌ.


[47]

فى كل يوم لي تجربة

ولكن بلا منٍ أو سلوى

من بين الأموات أقوم

ورقادى كوابيس مؤجلة

فى كل يوم

أحصى عدد هزائمى وخيباتى بلا حد

وانكساراتي مدوية

لا أبصر صباحك الذى تملؤه الشمس

لأستقيم

بل

لأكدِّس مراراتى التي لا تعدُّ.



[48]

هبنى سلامك يا رب

فلتضمنى عيناك

وليشرق علىّ قلبك الذى يعمل مثل كرّاكاتٍ لا تكلُّ

لتشملنى محبتك الرائقة

وليشرق علىَّ سلامك الأكيد

آه

من رحمتك الكاملة وكلامك الشامل

أنا العائش فى الخطىئةِ

حتى النخاع

وأنا القابض على الإثم حتى انجرحتُ

ما من حقيقةٍ واحدةٍ أمام عينىَّ

أنا الزائغ عن كل طريق قويمٍ

المنحرف عن كل

خط كامل وخطأ غير مقصود

ما من حقيقة أمام عينى لألتمس منها مبرر وجودى

يقينى خائخ مثل قشة

وكينونتى مضطربة

أنا زادى إلى نفاذٍ

وزائفة كذالك نفسي الذى بين جنبىَّ.




[49]

ما من مرة تعرفت فيها إلىّ

أنا الزائغُ البصر والمعتلُ البصيرة

أنا العائش فى الحقيقة التى لاتقبل الشك والغائص فى الشك الذى لا

يأوى إلى أية حقيقة

لتضع يدك الرحيمة تحت سنواتى المسيجةِ بالشوكِ والحصرمِ

ولتصنعنى على عينك

ولتأخذ بتلابيب روحى

ولتضع يدك الرحيمة تحت مخداتى المحشوة بالخياناتِ والحصى

خلنى أمشى فى طرقك التي ما بها من ضلالٍ خالصٍ

أو حتى يقينٍ مرتبكٍ

المعرفة عسرة

والجهلُ محيق

وكل الطرق وعرةٌ

والجبل نفسه عالٍ

أنا تلك الحصاة التى تنحدر

وقطرة الماء التى تضمحلُّ

أين بحرك الذى بلاقاع

ولاسمكة واحدة تشخلل أمام عينى

وأين موجتك التى بلا قرار

فى أى جهة تقوم شطآنك التي بلا زوالٍ أبداً

وفى أيةِ أصقاعٍ تكمن أراضيك التى لم يطأها بشر

أو تدخلها معرفة

تعبت من السؤال والشكِّ.



[50]

أرضى لم تكن لينةً

ولا بها من ثمرةٍ واحدةٍ

أشجارى جافةٌ

كأعواد ملح

وصحراواتى متشابكةٌ

وفى كل اتجاهٍ

ماذا أفعل؟

أين هو طريق الخير الخالص فأسلكه

وأين هو طريق الشر الكامل

لأبتعد عنه

فى كل الطرق أمضى

لا نعمة

ولا أمل.








نشيد آدم ( من ٤١ حتى ٥٠ )...بقلم محمد آدم / مصر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 25 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.