غجري .....بقلم هيثم الأمين / تونس
غجري
ـــــــــ
أنا غجري؛
بلا وطن و كلّ قبائل الغجر تبرّأت منّي؛
و منذ سنين و أنا أحلمُ
بامرأة
تمنحني جنسيّة عينيها،
تنصب ضفيرتها راية على كتفي،
تختم جواز حبّي بشامتها السّريّة،
تمنحني تلك المساحة ما بين عنقها و نهديها
لتكون ساحتي المفضّلة التي أقيم فيها طقوس الرّقص و الغناء،
تُطعمُ أناملها
لأزرار قمصاني و لصدري الجائع،
تُنيّمُني في حضن أحلامها
و ترسم، بأنوثتها، الحدود لشغبي.
أنا غجريْ
و كلّ قبائل الغجر تعاديني؛
فلا قيثارة لي
و أمّي
نسيتْ أن تصنع لي،
من بكائها السٍّّي،
أصابع تصلحُ للعزف
و للنّشل و للحبْ
و حزني
رجلٌ مكبوتْ
دائما يترك سحّابة سرواله مفتوحة
و الأوطان تكره قضيب الحزن المنتصبْ.
أنا غجريْ
و منذ سنين و أنا أحلمُ
بوطنْ !
وطنٌ على هيئة خزانة؛
خزانة أخبّئ فيها
شجرة أسلافي الذين لا أمجاد لهم،
الملابس الدّاخليّة لغربتي حتّى لا يتخيّل مقاساتها العائدون إلى أوطانهم،
القطارات التي تلفّ حول رأسي و لا تصلُ،
خطواتي التي صارت حفرا على الرّصيفْ
و قصائدي التي بلّلتها النّوافذُ الموصدة.
أو وطنٌ دون خارطة
و دون خبز مرْ.
أنا غجريْ؛
أنام، عند جذع ظلّي، كلّما أنهكتِ الطّرقات حذائي
و أدخّن، الكثير منّي المحشوّ بالخيال، لأنسى أنّي غجريْ !!
ما عادت الرّيحُ تعرفني؛
أصفرَ، سقطتُ من شجرة، أيضا، لا تعرفني؛
ما عاد المطرُ يعرفني؛
ما عاد الطّينُ يعرفني؛
و جذوري التي حدّثتني عنها العرّافة
ما يوما عرفتني !
فهل منكم من...
يعرفني
و أنا غجريٌّ؛
نسي وجهه في صورة اِلتقطها له سائح لا يعرفه؛
دون وطنٍ،
دون امرأةٍ
و كلّ قبائل الغجر تبرّأت منّي
و تعاديني؟ !!
غجري .....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
25 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: