أعترف و أنا بكامل قصيدتي ....بقلم هيثم الأمين / تونس



أعترف و أنا بكامل قصيدتي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا...
لستُ أسوأكمْ
و لكنّي،
على خلافكم،
أعلمُ، جيّدا، أنّي رجلٌ سيّئٌ !
فأنا،
حين أتمدّدُ في الحقل الذي كان، ذات يوم، حقلنا،
لا تحطّ الفراشات
على وجهي
أو على صدري
و القطّة التي تموء للجميع
و تتودّدُ للجميع
ما تودّدت لي يوما
بل،
هي،
تكتفي بسرقة أشيائي التي أنساها أو أتناساها
و ما ماءت لي، يوما، لتشكرني
و العصافير،
و لأنّها تعلمُ أنّي رجل سيّئ،
تتوقّف عن الثرثرة كلّما اقتربتُ منها !
أنا أعلمُ أنّها تسيء الظنّ بي
و تتحدّث عنّي كثيرا
و لا تحبّني
لأنّي أنصب لها الفخاخ في الماء
و أطلب لها الشرطة كلّما تجمهرت عند نافذتي.
رأسي، أيضا، يعلم أنّي رجلٌ سيّئ
ففي أقصاه دسست شارعا كاملا؛
شارع لا شيء فيه إلّا بيوت دعارة يرتادها رجل دميم بآلة معطّلة؛
يذهب إلى هناك
كلّما أسرفت وحدته في الشّربْ
أو حين تبتلعُه الأسئلة.
يختار بيتا عشوائيّا،
في البيت، يختار امرأة تشبه مزاجه لذاك اليوم
و في الغرفة
يسجد، باكيا، في محراب عريها
و حين تغفر له خروجه السّريع من المشهد
يلوك معها كلّ أسئلته و هما يضحكان من ترنّح وحدته
فيسألها
عن أوّل الخلق كيف كان،
عن شساعة السّماء بين فخذيها،
عن الأخلاق،
عن الحرّية المطلقة التي تخوّلها لزبائنها،
عن نكهة الأنبياء و رجال الدولة في السّرير
و عن أوّل رجل قتلها.
و حين تفيق وحدته من سكرها،
يسأل تلك المرأة التي تشبه حظّه:
كيف كنتُ سأمارس قرفي الوجوديّ لو أنّي كنتُ
سريرك أو ملابسك الداخليّة
أو قلم الحمرة الرّخيص خاصّتك
أو حفّاظتك النّسائيّة
أو ذلك القضيب الصناعيّ الذي تخبّئينه في صندوق صغير تحت سريرك
و الذي تضاجعينه،
بعد انتهاء الدّوام،
لأنّ ذلك الرّجل الوسيم جدّا،
الذي كاد أن يعرج بك لسدرة النّشوة،
ألقى بك إلى هوّة الوحدة
حين وصلته إرساليّة من حبيبته تقبل فيها اعتذاره و رجوعه إليها !
ربّما،
و أقول ربّما،
كان سيحبّك لو أنّك لم تكوني امرأة سرير عابر
و كنت ستحبّينه
لو أنّه ترك لك،
مع أجرك كاملا، 
ثمن علبتيْ تبغْ و شهقة كاملة؟ !!!!!
 أنا رجلٌ سيّئٌ
لأنّي لا أشعر بأيّ ذنبْ
حين يسألني طريق غريب عن عنوان ما
فأصطحبه معي في كلّ المدينة
و أثرثر معه كثيرا جدا
و حين أحمّل على ظهره كلّ الأشياء التي تخنقني
أتركه واقفا تحت الشّمس
و أهربْ.
أنا رجلٌ سيّئٌ
و الرجل الذي يشبهني،
الذي يجلس، منذ عمر، في شرفته ينتظرني،
يعلمُ أنّي رجلٌ سيّئٌ
فهو مازال يشتم تأخّري عنه و يشتمني
كلّما التقينا، صدفة، في مرآة !
أنا رجلٌ سيّئٌ
حتّى و إن ادّعيتم أنّي نبيٌّ تآمر مع الآلهة ليكتم نبوءته لغرض خفيْ
و لكنّي لستُ أسوأكم
فأنا أقرّ و أعترف و أنا بكامل قصيدتي
أنّي رجل سيّئٌ
و حتّى نافذة حبيبتي
تعلمُ أنّي رجلٌ سيّئ.
أعترف و أنا بكامل قصيدتي ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 19 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.