سجن الأرواح ..مقالة بقلم دلشا آدم / سوريا



‏‎سجن الأرواح

‏‎لطالما كنا أحراراً رغم كل القيود التي كانت ومازالت تكبلنا .
وكل الظن بأننا أسياد أنفسنا وملوكاً على عروش التباهي ما هو إلا وهم توسدناه ونحن المحاصرون من جميع الجهات .
‏‎كل شيء يحاصرنا ولاسيما تلك الصرخة البكماء في أقبية الحقيقة .
‏‎هل حقيقة السجن هي تلك الجدران التي تحاصرك ولسعة ذاك السوط الذي ينهش جسدك .. ؟
أم أن السجن الحقيقي هو كونك أسير لفكرة معينة أو أن تكون تابع لسلطة شخص يمارس عليك جبروته فتكون بذلك أسير تلك السطوة المفروضة عليك عنوة !!!
‏‎في الحقيقة هناك الكثير من الأمور التي  تجعلنا نتوه في دوامة التساؤلات متناسين الواقع المعاش لنشرد بذلك بعيدا عن ملامسة ذواتنا وأفكارنا المسجونة في سحيق القيود.
‏‎نعم أن تكون سجين المكان هذا شيء واضح للعلن وقدر مفروغ من أمره ولكن السجن الحقيقي الذي نعيشه اليوم هو الكارثة الأكبر حجما و رهبة ووقعا على مصيرنا  .
‏‎في المجتمع الذي نعيش فيه وننجز فرائضه بكل حرفية ورغماً عنّا بتنا دمى تحركنا الخيوط تحت بنود ومسميات العادات والتقاليد فأصبحنا بذلك سجناء لديكتاتور مجهول الهوية ضبابي الملامح يكبح كل الرغبات والآمال من خلال وصفة خفيفة يدلقها علينا من ماء رهبته .
‏‎ومن ثم جاءت بعدها الأديان والمعتقدات لتكون السجن الأكبر والأعتى سطوة على العقل والفكر البشري بلوحات وصور  تسلب الألباب فجعلته عبدا مسلوب الإرادة والكيان يفكر في ديمومة وقراءة مابعد الممات غافيا عن الحقائق والأسباب وأرضية السبل .
‏‎ثم جاء الانسان المتجبر ليصيغ لنا ذاكرة الأقفال ويملي علينا تبعاتها من خلال مؤسسة التملك بفرمان زاهي ومطلقاً بذلك عنان الرضوخ
وبمفهوم ذكوري محض لتصبح المرأة أحدى هذه الممتلكات وجواري ذاك العرش المستمد قيافته من الألم والقهر وان تكون أسيرة رغبة مطرزة بالغصّة والمهانة .
‏‎وأخيراً وفي نهاية المطاف ننحاز ودونما وعي منّا وبمحض إرداة مسلوبة إلى خلية افكار وذوات هشاشتهم ، نتكئ حسبما رغبتهم إلى مساند وعتبات المشيئة وبالتالي نظل سبايا تلك الأفكار نقبع بكل تراخي في عتمتها تلك الظلمة التي توارثناها على مدى عقود من التحفظ والتبجيل والتي باتت نتيجة حتمية لرضوخنا المقيت واستكانتنا المفرطة إلى سماكة وحجم تلك الموروثات وكلنا تخوف من أن نتخطى حواف أطرها .

دلشا آدم
سجن الأرواح ..مقالة بقلم دلشا آدم / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 04 مايو Rating: 5

هناك تعليق واحد:

  1. سلمت يداك على هذه المقالة الراقية نحن نفتقد الى هكذا اقلام..

    ردحذف

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.