فكرة بتنّورة قصيرة ...بقلم هيثم الأمين / تونس



أُحدّقُ في جسدي العاري،
تماما،
الممدّدَ بين رأسي التي لا أراها
و بين آخر البساط،
أنا الذي تعلّمت أن أمدّ رجليّ على قدر بساطي،
فيربكني هذا الكمّ الهائل من الشّعر على كلّ جسدي
و ترغمني فكرة سعيدة بتنورتها القصيرة لأسألْ:
ماذا لو
كان جسدي قطعة أرض أو حديقة
فأيّ شيء كنتُ سأُنبِت؟ !!!
لو أنّي كنتُ قطعة أرض مهملة
هل كان سيخرج منّي عشب أخضر و زهور بريّة
تتسابق إليها أغنام القرية
و يقطف منها
طفل
أقحوانة يدسّها بين خصلات شعر حبيبته الصغيرة
و يضحكانْ
أم سأكون سبخة تُنبتُ الـ"بو قريبة"
تلك العشبة المحمّلة بقِرَبٍ صغيرة مملوءة بالماء و التي تحبّها الجمال التي انقرضت من قريتنا
و كان يستخدمها جدّي في قطع أحجار الكلس
أم أنّي سأعاقب كلّ الحفاة بشوكي؟ !!!
إن كنتُ قطعة أرض على ملك رجل فقير
فهل سيحرثني بمحراث يجرّه حمار عنيد
و يلعنني و يلعن الحمار كلّما علق المحراث بسرّتي
أم أنّه سيكتري جرارا لحرثي؟؟
و هل سيدسّ في تربتي شعيرا أم عدسا
و هل سأكافئه على كلّ عرقه الذي سكبه في كؤوسي
أم أنّي سأقدّم له جوعا جديدا يتقاسمه مع أطفاله؟
ربّما
سأكون أرضا صالحة لغراسة العنب الحامض
و أوفّر على مالكي ثمن ما كان سيشتريه من النبيذ
و ربّما،
لو كنتُ محظوظا،
سأكون أرضا صالحة لزراعة الماريخوانا
فيحصدُ مالكي،
بسببي،
أموالا طائلة يتقاسمها مع مسؤول رفيع المستوى
و أمنح الكثير من وهم السّعادة لكلّ هؤلاء الهاربين من عقولهم الصّاخبة !!!!
الآن،
ماذا لو كنت أرضا على ملك سيّدة جميلة
فهل ستمشي على ترابي،
 حافية،
كنوع من التدليك الصّيني لباطن القدمين
و هل ستضحك كثيرا كلّما صادفت حلزونا يتسلّق الحياة بصعوبة
و هل ستقرفص عند غيران النّمل
و تقصّ، على نفسها، قصّة الصرصار و النملة؟
هل ستستلقي على جلدي الأخضر و تشتهي لو أنّي كنت حبيبها؟
لو كنتُ قطعة أرض على ملك سيّدة جميلة
فإنّي أفضّل أن أكون حديقة
ترتّبني على مزاجها،
تزيّن جلدي بأصص الحبق و العطرشاء و القرنفل
و بأصّ كبير تغرس فيه صبّارة
و تشرقُ عليّ، كلّ صباح، من نافذتها
فألوّح لها بوردة و بعصفور
و أتعرّق شهوة
كلّما انحنت لتفرك جلدي بمخرطتها القصيرة الذّراع.
فكرة بتنّورة قصيرة ...بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 25 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.