تبدو جميلاً ....بقلم عبدالله بليجان السمعو / سوريا



تبدو جميلاً
من أين حسنُكَ يا تُرى؟
تحتاجُ شريطةً خضراءَ حولَ مِعصَمِكْ
أو حجاباً يُربطُ بأعلى عُضُدِك
أو رُبَّما تميمةً
أو دقَّتينِ على الخَشَبْ
كي تتَّقي شرَّ الحسد
أَخُلِقْتَ أقربَ للكمالِ أم هناكَ من تمَّمَكْ؟
أم هوى الجمالُ عليكَ وحدكَ فرفَعَكَ عمَّنْ حولَكْ؟
من أينَ لَكْ ؟

هل تعرفني؟ ماذا تُريد؟

نيسانُ كيف أغفرُ ما فعلت؟؟؟
ما الرَّبيعُ إلا جراحةٌ تجميليةٌ أجريتها كي تُخفي قبحَك
وكأنَّ مزمار هاملين في فَمِك
فتجُرُّ العشّاقَ إلى تلٍّ بعيدٍ
وتجعلهم كعجينةٍ في يدك
وتسلبُ حُسنهُم منهُم
بضربةٍ من مبضَعك
وتطلي بها وجهك

وجهاً لوجه
بعد عامٍ أو يزيد
أنا لا أريدُ القولَ كي لا تقولَ أفترى
أنظُر إلَيْ
أنظر مليَّاً
والآن قُل لي ما تَرَى؟

أرى عيوناً غائرة
في كهفِ وجهكَ تختبئ
مذعورةً وكأنَّها في وسط حرب بعد أن كانت مرافئَ للنوارسِ والحمام
منذ عامٍ لم تنام
تحضن أمنية وتهدهد خوفها وكأنها تعرف بأن الأماني لا تنام
مغبرةً وأمامها عنكبوتُ محمَّدٍ قد نسجَ البيتَ الّذي قد أحال الوضوحَ إلى الغمام
كي لا يراها من تراه
(نيسانُ ويحكَ ما فعلت)

أرى سواداً زاحفاً حول العيون
وكأنَّهُ قد ضلَّ وجهتهُ
فاختارَ أن يبقى هناك
وحدهُ ما مِنْ سِواهْ
(نيسانُ ويلكَ ما فعلت)

أرى خدَّينِ مات الرِّيفُ الّذي بهما
الرِّيْفُ الّذي قد كان في يومٍ يُضيءُ براحتيه
من ضحكة المدينة الّتي في فمك
فتدُقُّ أجراسُ السّنابلِ في قمحِ وجهك
كنجمٍ يرقصُ في مداه
(نيسان ويبكَ ما فعلت)

أرى تفاحةَ آدمَ وكأنَّ الصّمتَ قد عضَّها فتورّمتْ
حتّى لم يعُد مُهمّاً
وصفُ صمتكَ
ما إذا كانَ
صمتاً حكيماً أم حزيناً أم بلاهة
(نيسانُ ويسكَ ما فعلت)

أرى ساقين نحيلتين كساق النّعام
يجريان بكَ دونَ توقُّفٍ
في طريقٍ من سرابٍ أو ضباب
وساعةُ الرَّملِ تُلزِمُكَ العِقاب
فساعةً تركضُ للأمامِ للّحاقِ بالحلمِ الّذي ينبغي عليهِ بأن يكون قد وصل
هو نفسهُ يتسائلُ ماذا حصل
وساعةً تركضُ للخلفِ خشيةَ أن أمسكَ بيد غيركَ أو تاهَ في وسطِ الزِّحام
لا أنتَ تعرفُ سَمْتَ حُلمِكَ كي تُحدِّد شمالهُ وعلى هواهُ تسير
ولا نجمةُ القطبِ ترضى أن تُشير
(نيسانُ ويهكَ ما فعلت)

أرى فزَّاعةً لَبِسَتْ جسَد
وجسداً تَنصَّلَ منكَ كأنَّكَ تُهمةٌ أو شُبهةٌ لحِقَتْ بهِ
وغراباً لم تنل منهُ الغرابةَ
فوق رأسكَ قد سكن
أرى حقولاً من اليأسِ الّذي التفَّ حولَ أعناقِ الشَّغف
وأرى الغرابَ الذي لا يستسيغُ اليأسَ
ينقرُ النائياتِ من الشَّغف
(نيسان قل لي ما جنيت)

أرى صدركَ الذي يكادُ يسقطُ منك
يقول:
يا (كانَ) مهلاً
إنَّني ما زِلتْ
هي لم تُزَل مِنّي ولم تَزَل بي
فأبقيني
كُرمى لها حتّى وإِن أنا منها زُلتْ
قد كنتَ شاهدها وشاهِدِيَ الوحيد
يا (كانَ) تعرفُ ما جرى
كم مرَّةً دمعي ودمعها قد جَرِى
كم مرَّةً سَرَتْ بي نحو السّماءِ
وكم مرّةً قلبي بها قد سَرَى
كم مرّةً تثلَّمَ رأسُ الحُبِّ وهو يكتبنا
وكم مرّةً قد انبرا
كم مرّةً تغلّظَ العِرْقُ الّذي يُتاخِمُ عينها مُدافعاً عنّي وكم مرّةً قد إستوى
كم مرّةً قالت أُحبّكَ يا فتى
وكم مرّةً قد رنَّ جسمي كالصّدى
كم شامةً أحوي أنا
وكم شامةً حُسنُها قد حَوَى
كم مرّةً هويتُ عن السّريرِ
وأنا أسمعُ صوتها
وبين ضحكتنا قالت يا قلبي أنا
كم مرّةً ضرب إصبعها الصغير
بباب غُرفتها
وبين ضحكتنا قُلتُ يا قلبي أنا
كم مرّةً مَرِضَتْ وقلتُ يا بنتي أنا
كم مرّةً مَرِضْتُ وقلتُ يا أمّي أنا
كم شعرةً نبتت على لسان الحُبِّ
وهو يقولُ لن تَتَكَرَّرا
كيف جعلتني عظيماً أو كشيءٍ أُبَّهةْ
كنتُ العبُ بالثريّا حين كانت
والآن تذروني الرّياحُ كذروها حَبَّ الثرى
يا ( كانَ ) أخْبِر (تُرى) بنتُ آوى الثّعلبة
عن حُبِّنا
حتّى تكُفَّ عن السؤالِ ( إلى متى)
عن أنّنا سنعود
وأنَّ الّذي ما بيننا
أكبرُ من أن يُطوى
وأنقى من أن يكونَ جُرحاً وأنكوى
( نيسان قل لي ما أكتنزت)

نيسان
على غير عادتك لم  تكذب
هذا أنا منذ أفترقنا
فكيف حالك أنت ؟
نيسان أخبرها الحقيقة 
قل لها بأن فراقنا كذبة
وأعدك أن أغفر ما فعلت
تبدو جميلاً ....بقلم عبدالله بليجان السمعو / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 13 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.